×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

وقد استعاذ النَّبي صلى الله عليه وسلم منه، وأمر به في كل صلاة

****

يصيرون في أشدّ العذَاب والعِيَاذ باللهِ. فالآية فيها دليل على عذَاب القَبْر مع الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك.

استعاذ النَّبي صلى الله عليه وسلم من عذَاب القَبْر، فدل على أنه حق، وعلى أنه واقع وثابت، وإلا لم يستعذ منه الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وأمر بالاستعاذة منه في كل صلاة، فقال صلى الله عليه وسلم: «اسْتَعِيذُوا بِاللهِ مِنْ أَرْبَع: مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ» ([1]).

والشاهد أن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أمر بالاستعاذة من عذَاب القَبْر، فدلّ على أنه عذَاب واقع وحاصل، وأن المؤمن يستعيذ منه.

وعذَاب القَبْر له أسباب، يصيب حتَّى المُؤْمنِين بسببها فإنهم يعذبون في قبورهم، منها: الغِيبَةُ والنميمة، ومنها عدم الاسْتِنْزاه من البول.

فقد مرَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم بقَبْريْنِ، فقال: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، إلاَّ إِنَّهُ لَكَبِير، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَبْرِئُ مِنْ بَوْلِهِ، وَأَمَّا الآْخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ([2]) فدلّ على أن عذَاب القَبْر يحصل للمؤمن بسبب ذنوب ارتكبها في الدُّنيَا. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْمَيِّتُ ليُعَذَّب فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ» ([3]) فالنياحة على الميت تسبب تعذيبه، وهي سبب من أسباب تعذيبه في قَبْره.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (588).

([2]) أخرجه: البخاري رقم (6055)، ومسلم رقم (292). 

([3])  أخرجه: البخاري رقم (1292)، ومسلم رقم (927).