وقال
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «اتَّبِعُوا وَلاَ تَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ».
*****
الحديث أصل عظيم يرد
على كل مبتدع يُحَسِّن البدع للنَّاس ويقول: إنها خير! وإنها فيها أجر! وفيها
تنشيط على العبادة! وفيها وفيها... نقول: البدع ليس فيها خير، وليس فيها أجر، كلها
ضلالة وكلها شر، وكلها مردودة على أصحابها، كفانا ما جاء به رسول الله صلى الله
عليه وسلم ففيه الخير والكفاية، يقول الله جل وعلا: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ} [المائدة: 3] ما توفي الرَّسُول
صلى الله عليه وسلم إلاَّ وقد أكمل الله به الدين، فمن جاء يريد أن يُحدث زيادة
بعد الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فإنه يتهم ربه بالكذب، يقول الله: ﴿أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ
دِينَكُمۡ﴾ [المائدة: 3] فيضيف إلى الدين شيئًا من عنده! هذا مكذب لله عز
وجل أو متهم للرسول صلى الله عليه وسلم بالكتمان وأن الله أنزل عليه هذه الأمور
التي يراها هذا المبتدع، بمعنى أن الرَّسُول كتمها ولم يبينها لأمته.
«عبد الله بن مسعود» من السابقين الأولين المهاجرين، يمتاز بالعلم والورع والعبادة والاقتداء بالرَّسُول صلى الله عليه وسلم فهو من أكبر علماء الصحابة وفقهائهم، يقول رضي الله عنه: [اتَّبِعُوا] يعني: ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا مثل قوله تعالى: ﴿ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ﴾ [الأعراف: 3]، «وَلاَ تَبْتَدِعُوا»نهى عن الابتداع، فهو يطابق أيضًا قول الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ»، «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ» ([1]). ثم قال رضي الله عنه: «فَقَدْ كُفِيتُمْ» أي: كُفيتم المئونة،
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).
الصفحة 1 / 304