وقول
النَّبي صلى الله عليه وسلم: «رَبَّنَا اللهُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، تَقَدَّسَ
اسْمُكَ».
*****
الأَرض، ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمۡ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخۡلِ﴾ [طه: 71] يعني: على جذوع
النخل، فإذا أريد بالسَّمَاء مجرد العلو، فإن «في» على ظاهرها ظرفية، يعني: في
العلو، وإن أريد بها السَّمَاء المبنية فيكون معنى قوله:﴿فِي
ٱلسَّمَآءِ﴾ يعني: على السَّمَاء، وليس يعني في السَّمَاء أن الله
داخل السَّموَات؛ لأن السَّموَات مخلوقة والله جل وعلا لا يحل في شيء من مخلوقاته،
ليس في ذاته شيء من مخلوقاته ولا في مخلوقاته شيء من ذاته، بل هو بائن من خلقه
سبحانه وتعالى، هذا فيه رد على الجَهْمِية والمُعطِّلة الذين يقولون: إن الله لا
يوصف بأنه في العلو ولا داخل العالم ولا خارج العالم، وهذا معناه العدم؛ لأن الذي
ليس داخل العالم ولا خارج العالم، هذا معناه أنه معدوم، تعالى الله عما يقولون.
وكذلك في الآية رد
على الحُلُولِية الذين يزعمون أن الله حَالٌّ في كلّ شيء، تعالى الله عما يقولون.
كما أن الله وصف نفسه بأنه في السَّمَاء، كذلك النَّبي صلى الله عليه وسلم وصف ربه بأنه في السَّمَاء، فقال في حديث الرقية المعروف: «رَبَّنَا اللهُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، تَقَدَّسَ اسْمُكَ، أَمْرُكَ فِي السَّمَاءِ وَالأَْرْضِ كَمَا رَحْمَتُكَ فِي السَّمَاءِ، فَاجْعَلْ رَحْمَتَكَ فِي الأَْرْضِ، اغْفِرْ لَنَا حُوبَنَا، وَخَطَايَانَا، أَنْتَ رَبُّ الطَّيِّبِينَ أَنْزِلْ رَحْمَةً مِنْ رَحْمَتِكَ، وَشِفَاءً مِنْ شِفَائِكَ عَلَى هَذَا الْوَجَعِ» ([1]) الشاهد منه قوله: «الَّذِي فِي السَّمَاءِ» وصف ربه بأنه في السَّمَاء.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (3892)، وأحمد رقم (23957)، والبزار رقم (4080)، والحاكم رقم (1272).