فهذا دليل على هذه
المسألة العظيمة، عكس ما عليه الفرق الضالة التي تريد تشتيت الإِسْلاَم
والمُسْلمِين برغم الغيرة عندهم، والغيرة ليست هكذا، هذا ليس من الغيرة بل هذا من
البدعة.
ويجب مناصحة ولاة
الأمور بالطريقة اللائقة التي تحببهم في الخير وتحذرهم من الشر، فالمناصحة واجبة
بالطرق الشرعية، لا نقول: إنه يُسكت عن أخطائهم وعن مخالفاتهم بل يناصحون بالطرق
اللائقة التي كان السلف يناصحون بها ولاة الأمور من غير إظهار للإنكار عليهم أو
الحديث عنهم في المجالس أو غير ذلك، فإن هذا ليس من هدي السلف، وهذا لا يأتي بخير،
وإنما يزيد الشر شرًّا، لكن إذا وُصِّلت النصيحة لهم بطريقة سرية تكون بينهم وبين
الناصح، فهذا هو هدي السلف، وهذا هو منهج السلف الصَّالِح، فإن قبلوا فالحمد لله،
وإن لم يقبلوا برئت الذمة ومسئوليتهم تكون عليهم، لكن المصلحة في طاعتهم والمصلحة
في موافقتهم فيما وافقوا فيه الحق، ويترتب عليه مصالح عظيمة.
والإغضاء عن بعض
أخطائهم وهفواتهم هذا من ارتكاب أخف المفسدتين لدفع أعلاهما، فإن الخروج عليهم
ونزع يد الطَّاعَة يلزم عليه من المضار وسفك الدماء وتفرق الكلمة، والمنكرات أكثر
مما عند الولاة من المنكرات الشخصية الخاصة بهم.
ولذلك تجنب السلف منابذة الأَئمَّة، تجنبوا مخالفتهم، وصلوا خلفهم، وحجوا معهم، وجاهدوا معهم، مع العلم بأنه بعد الخلفاء الراشدين وبعد معاوية رضي الله عنه جاء أمراء فيهم وفيهم، فيهم خير وفيهم شر، وفيهم من