مُقدِّمة الشارِح
الحمدُ للهِ، والصَّلاة
والسلاَم على رَسُول اللهِ، وعَلى آلِه وصَحْبه أجمعينَ.
هذا هو: الإمامُ ابن
القَيِّم رحمه الله ، كانَ أبُوه قَيِّمًا على المَدرسة الجَوْزِيَّة، وكانَ أشهرَ
مَن تَولَّى هذا المَنْصِب، فصارَ هُو المُراد عِندما يُقال: «قَيِّم الجَوْزِيَّة»، ثُم غَلَبَتْ هَذه الشُّهْرَة على ابنِه،
فيُقال له: «ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة»،
ويُختصر فيُقال: «ابنُ القَيِّم».
وقد سُئِل رحمه الله عن مَرض
القُلوب وما دَوَاؤه، والمَقصود بمَرض القُلوب: المَرض المَعْنَوِي وليس المَرَض
العُضوِي، فالقُلوب تمرَض مرضًا عضويًّا، وهذا عِلاجه عند الأطباءِ، وبالأدويةِ
المَعروفة أو العَملِيّات والجِرَاحات، وهذا خَطره إنما هو على الحَيَاة فقط.
أما النَّوْع الثاني: وهو
المَرَض الخَطِير - المَرَض المَعْنَوِي - الذِي يُصيب القُلوب، وذلك بالذُّنوب
والمَعَاصِي؛ فإنها تُمرِض القلوبَ، كما قالَ سبحانه وتعالى : {فِي
قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضٗاۖ} [البقرة: 10] ، { فَلَا تَخۡضَعۡنَ بِٱلۡقَوۡلِ
فَيَطۡمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلۡبِهِۦ مَرَضٞ} [الأحزاب: 32] ، يعني: مَرض الشَّهْوَة؛ لأن مرضَ
القلبِ على قِسمين: مَرض الشَّهْوَة، ومَرَض الشُّبْهَة.
فمَرَض الشَّهْوَة يكُون بالأفعَال
والمَعَاصي.
ومَرَض الشُّبْهة يكُون بالشُّبُهات والشُّكُوك، ويكُون في العَقِيدة وهَذا أَخْطَر، وعِلاج ذلك ليسَ بالأَدْوِية والعَمَلِيَّات والجِرَاحَات، وإنما دَوَاؤه بالتَّوْبَة إلى اللهِ سبحانه وتعالى وبالأعمالِ الصَّالِحة، فإن هذا هو شِفاء القُلوب، والعِلْم النَّافِع في كِتاب اللهِ وسنةِ رَسوله، هذا هو عِلاج هذا المَرَض.