فقد أنزلَ الله جل وعلا
القُرآن شِفاء للقُلُوب وشِفاء للأبدانِ أيضًا، فالقُرآن شِفاء من الأمراضِ
الحِسِّيَّة والمَعنوِيَّة، قالَ الله عز وجل : {قُلۡ هُوَ لِلَّذِينَ
ءَامَنُواْ هُدٗى وَشِفَآءٞۚ} [فصلت: 44] ، وقالَ تبارك وتعالى : {وَنُنَزِّلُ
مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٞ وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ} [الإسراء: 82] .
فشِفاء هذا المَرَض بالقُرآن
وبالتَّوْبَة وبالأعمالِ الصَّالِحة، يَعني: ثَلاثة أُمور، هذا عِلاج مَرض القُلوب
الذِي هو أَخْطَر من مَرض الأبدانِ؛ لأن مرضَ الأبدانِ خَطَره بالمَوْت أو
بالألمِ، وأما هذا فخَطَره أَشَدّ وهو النارُ - والعياذُ باللهِ - والعَذاب، فهذا
أَشَدّ، وكُلَّما أَكْثَرَ الإنسانُ من المَعاصي زادَ مَرضُه، وكُلما أكثرَ من
الشُّكُوك زادَ مَرضه؛ حتى يموتَ القلبُ.
فالقَلْب يَمرض حتى يَموت،
فإذا لم يُعالَج بالتوبةِ والأعمالِ الصالِحة وبالقُرآن فإنه يَموت، فلا يكُون فيه
شُعور ولا إحساسٌ ولا غِيرة ولا مَحبة للخَيْر، فإذا ماتَ القلبُ فإنه لا فائدةَ
فيه: { فَلَمَّا
زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡۚ } [الصف: 5] ، هذا مَوْتٌ والعِياذ باللهِ.
هذا الكِتاب في هذا
المَوْضُوع؛ في بَيان خَطَر المَعَاصِي والذُّنُوب، وفي عِلاج ذلكَ، ولذلك
يُسمَّى: «الجَوَاب الكَافِي لمَن سألَ عن
الدَّوَاء الشافِي»، وفي بَعض النُّسَخ: «الدَّاء
والدَّوَاء»، يَعني داءَ القلبِ ودَواؤه.
ولا شكَّ أن الله جل وعلا ما
أنزلَ داءً إلا وأنزلَ له شفاءً، سَواء من الأمراضِ الحِسِّيَّة أو من الأمراضِ
المَعْنَوِيّة، أنزلَ الشفاءَ رحمةً منه سبحانه وتعالى ، ولم يَترُك عِباده بدُون
دواءٍ ولا عِلاج.
***
الصفحة 3 / 436