ثانيًا: «أو حَسَنَة تقدَّمت مِنه»: أي: كَانت له
أعمَال صالِحة تقدَّمت الدعَاء، فإذا وقعَ في شِدَّة أنقذَه اللهُ لأجلِ هذه
الأعمَال الصالِحة؛ كما قالَصَلى اللهُ عليهِ وسَلم: «تَعَرَّفْ إِلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ» ([1]) وكما في قِصَّة
يُونس عَليه السلاَم: {فَلَوۡلَآ أَنَّهُۥ كَانَ
مِنَ ٱلۡمُسَبِّحِينَ} أي: مِن المُصلِّين {لَلَبِثَ فِي بَطۡنِهِۦٓ
إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ} [الصافات: 143، 144] ، كانتْ له أعمَال صَالحة في حَال
الرَّخَاء، فلمَّا وقعَ في الشِّدة أنقذَه اللهُ مِنها.
ثالثًا: «أَو صادفَ وقتَ إجابةٍ»، كذلكَ من أسبابِ
الإجابَة أن يُصادف وقتَ إجابةٍ، مِثل ثُلُث الليلِ الآخِر، أو الدعَاء في ساعةِ
يومِ الجُمعة، أو الدعَاء في السُّجُود، هذه كُلها مِن أوقاتِ الإجابَة، إذا
صَادفها المُسلم وهو يَدعو استجابَ اللهُ له دُعاءَه.
قوله: «فيَظُنّ الظانُّ أن السِّرَّ في لفظِ ذلك
الدعَاء»، أي: يَظُن أن لفظَ الدعاءِ هو السبَب، وليس الأمرُ كذلك، بل أمورٌ
أخرَى كانتْ من أسبابِ الإجابَة، وإلا فالدعَاء هو هو يَدعو به كُل الناسِ، لكِن
بَعضهم يُستجاب له، وبَعضهم لا يُستجاب له، مع أن لفظَ الدعاءِ واحدٌ، وصِيغته
وَاحدة، لكِن يَحصل لبَعض الناسِ أَسباب يُستجاب فيها دُعاؤهم، وبَعضهم لا يكُون
عِنده أسبَاب القَبُول، فلا يُجاب ولَو دعَا بالدعاءِ الذِي دعَا به الآخَر،
فليستْ العِبرة بصِيغة الدعَاء، بل العِبرة بالأحوالِ.
قوله: «فيَأخذه مُجرَّدًا عن تِلك الأُمور»، فمن تركَ النَّظَر في أسبابِ إجابَة الدعَاء ظَنَّ أن مُجرَّد لفظِ الدعَاء يَكْفي.
([1])أخرجه: الترمذي رقم (2516)، وأحمد رقم (2803)، والحاكم رقم (6303).