×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

وهذا مِثل استعمَال الدَّوَاء الأُمور المَحسوسة، فبَعض الناسِ يَستعمله فيَشفيه اللهُ، ويَستعمله آخرُ فلاَ يشفَى، والسبَب في ذلك أن الذِي استعملَه وشُفِي به صَادف مَحلَّه، وأخذَ المِقدار الذي يحصُل به العِلاج، فحصلَ له الشفاءُ، يعني: هنا أسبَاب أُخرى غَير الدوَاء، فمَن أخذَه مع تخلُّف الأسبابِ فإنه لا يُشفى؛ لأنه لم يُطبّق الأحوَال التِي طبَّقها الأوَّل.

قوله: «ومِن هَذا أنه قَد يتَّفق دُعاؤه باضطرارٍ عِند قَبر فيُجاب، فيَظن الجَاهل أن السِّرَّ للقَبر»، هذه شُبهة عظيمةٌ، فبَعض القُبوريين يقُول: دعوتُ عِند القبرِ فاسْتُجِيب لي، وفُلان دعَا عِند القَبر فاسْتُجِيب له. فيَظُن الناسُ أن الدعاءَ عِند القَبر مَشروعٌ، وأنه يَحصل به المَقصود، وهَذه فِتنة.

فلَيس السبَب هو الدعَاء عِند القَبر، بل السببُ أن الدَّاعِي كانَ مُضطرًّا فأجابَ اللهُ دُعاءَه لضَرورته، ولو لَم يَدْعُ عِند القَبر، فهو مُضطر، أو صادفَ وَقت إجابةٍ، أو حَصلت الإجابةُ لا بسببِ الدعاءِ، وإنما بسَبب القَضاء والقَدَر، فيَظُن بَعض الناسِ أنها حَصلت بسببِ دُعائه عِند القَبر، فيَفْتتنون بالمَقبور، ويَدعون مِن دُون اللهِ.

وكَونه إذا دعَا عِند القَبر حَصل له مَقصود ليس بحُجة ولا دليلَ على جَواز الدعاءِ عندَ القَبر؛ لأن الأحاديثَ التي تَنهى عن الدعَاء عِند القُبور أحاديثُ صريحةٌ وصَحيحة تَمنع من هذا.

وقوله: «فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، كَانَ أَفْضَلَ وَأَحَبَّ إِلَى اللَّهِ»، أي: أن هَذا الذِي يَدعو عِند القَبر لو أتَى بهذا الدعَاء في بيتٍ من بُيوت اللهِ؛ لكان أحبَّ عند اللهِ من أن يَدعو عِند القَبر.

***


الشرح