×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 وَكَاتِّكَالِ بَعْضِهِمْ عَلَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم حَاكِيًا عَنْ رَبِّهِ: «أَنَا عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ» ([1]) يَعْنِي مَا كَانَ فِي ظَنِّهِ فَإِنِّي فَاعِلُهُ بِهِ.

وَلاَ رَيْبَ أَنَّ حُسْنَ الظَّنِّ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ الإِْحْسَانِ، فَإِنَّ الْمُحْسِنَ حَسَنُ الظَّنِّ بِرَبِّهِ أَنْ يُجَازِيَهُ عَلَى إِحْسَانِهِ وَلاَ يُخْلِفَ وَعْدَهُ، وَيَقْبَلَ تَوْبَتَهُ. وَأَمَّا الْمُسِيءُ الْمُصِرُّ عَلَى الْكَبَائِرِ وَالظُّلْمِ وَالْمُخَالَفَاتِ، فَإِنَّ وَحْشَةَ الْمَعَاصِي وَالظُّلْمِ وَالإْجرَامِ تَمْنَعُهُ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِرَبِّهِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الشَّاهِدِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ الآْبِقَ المُسِيء الْخَارِجَ عَنْ طَاعَةِ سَيِّدِهِ لاَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ.

وَلاَ يُجَامِعُ وَحْشَةَ الإِْسَاءَةِ إِحْسَانُ الظَّنِّ أَبَدًا، فَإِنَّ الْمُسِيءَ مُسْتَوْحِشٌ بِقَدْرِ إِسَاءَتِهِ، وَأَحْسَنُ النَّاسِ ظَنًّا بِرَبِّهِ أَطْوَعُهُمْ لَهُ. كَمَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَحْسَنَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ فَأَحْسَنَ الْعَمَلَ وَإِنَّ الْفَاجِرَ أَسَاءَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ فَأَسَاءَ الْعَمَلَ ([2]).

****

الشرح

الظنُّ المَحمود ما كانَ مع الإحسانِ وفِعل الأسبابِ، أما أن يُحسِن الظنَّ برَبِّه وهو ما فعلَ الأسبابَ، فهذا غَلَطٌ، والظنُّ ينقسمُ إلى: محمودٍ ومذمومٍ، والرجَاء المَحمود والظنُّ المَحمود مُتساويانِ، فلا يَكون هُناك رجاءٌ محمودٌ ولا ظَنٌّ مَحمود إلا مع فِعل الأسبابِ، وبدونِ فِعل الأسبابِ ما يَنفع الظَّن. ومَن أحسنَ الظنَّ برَبِّه أحسنَ العملَ، وأتَى بالأعمالِ الصَّالحات.


الشرح

([1])أخرجه: أحمد رقم (16979)، والدارمي رقم (2773)، وابن حبان رقم (633).

([2])أخرجه: أحمد في الزهد رقم (1653).