وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ بَنُو
آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ»، قَالُوا: وَاللَّهِ
إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةٌ، قَالَ: «فَإِنَّهَا قَدْ فُضِّلَتْ عَلَيْهَا
بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا» ([1]).
وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ
مُعَاذٍ قَالَ: أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «لاَ
تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَإِنْ قُتِلْتَ أَوْ حُرِّقْتَ، وَلاَ تَعُقَّنَّ
وَالِدَيْكَ، وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ، وَلاَ
تَتْرُكَنَّ صَلاَةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا، فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ صَلاَةً
مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ، وَلاَ
تَشْرَبَنَّ خَمْرًا، فَإِنَّهُ رَأَسُ كُلِّ فَاحِشَةٍ، وَإِيَّاكَ
وَالْمَعْصِيَةَ، فَإِنَّ الْمَعْصِيَةَ تُحِلُّ سَخَطَ اللَّهِ» ([2]).
****
الشرح
هذا يدُلّ على شِدّة حرِّ النارِ يومَ القِيامة، فهذه نارُ الدنيَا لا أحدَ يُطِيقها مع أنها أخفُّ بكثيرٍ مِن نارِ الآخرةِ، فهي جزءٌ واحدٌ مِن سَبعين جزءًا، وفَضُلَتْ عليها نارُ جهنَّم بتسعٍ وستينَ مَرَّةً، فإذا كنَّا لا نُطِيق نارَ الدنيَا فكيفَ نُطيق نارَ الآخرةِ؟! { قُلۡ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّٗاۚ لَّوۡ كَانُواْ يَفۡقَهُونَ} [التوبة: 81] ، فعلى المُسلم أن يتذكَّر هذا، {أَفَرَءَيۡتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ}أي: تُوقِدون {ءَأَنتُمۡ أَنشَأۡتُمۡ شَجَرَتَهَآ أَمۡ نَحۡنُ ٱلۡمُنشُِٔونَ}، ففيها عِبرةٌ أنها تُذكِّر بنارِ جهنَّم {نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} [الواقعة: 71- 73] ، جَعلناها تذكرةً تُذكِّر بنارِ الآخرةِ، فإذا كُنتَ لا تُطِيق أن تقربَ من نارِ الدنيَا مع أنها بالنسبةِ لنارِ الآخرةِ جزءٌ يسيرٌ من سبعينَ جزءًا، فكيفَ تُطِيق نارَ الآخرةِ؟!
([1])أخرجه: البخاري رقم (3265)، ومسلم رقم (2843).