×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

فإذا رأيتَ الدنيَا في يدِ مَن لا يخافُ اللهَ عز وجل فاعلمْ أنه استدراجٌ، كما في قَوله تبارك وتعالى : {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَبۡوَٰبَ كُلِّ شَيۡءٍ}، وأما إذا كانتْ مع الطاعةِ والعِبادة فهذه إعانةٌ مِن اللهِ سبحانه وتعالى .

فلَيْسَت العِبرة بما في يَد الإنسانِ من الغِنَى والثَّرْوَة، وإنما العِبرة بحَاله مع اللهِ جل وعلا ، فإنْ كانَ عاصيًا للهِ فهذا استدراجٌ له، وإن كانَ مُطِيعًا للهِ فهَذه نِعمةٌ وإعانةٌ مِن اللهِ سبحانه وتعالى ، كما قالَ تبارك وتعالى : { كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ ٦ أَن رَّءَاهُ ٱسۡتَغۡنَىٰٓ ٧} [العلق: 6، 7] ، وقالَ جل وعلا : {فَأَمَّا ٱلۡإِنسَٰنُ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكۡرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَكۡرَمَنِ} [الفجر: 15] يَظُنّ أن هذا لكَرامتِه على اللهِ ويَغترّ،{وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَيۡهِ رِزۡقَهُۥ} يعني: ضيَّقه وأَفْقَرَه {فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَهَٰنَنِ} [الفجر: 16] ، يَظُنّ أن هَذا إهانةٌ من اللهِ، مع أنه من مَصلحته، وليس بإهانَة كَرامة.

فهذا أفضلُ الخَلق مُحمد صلى الله عليه وسلم كانَ يَربطُ الحَجَرَ على بَطنه من شِدّة الجُوع  ([1]) وتَمُرّ عليه الشهورُ ولا يُوقَد في بَيته نارٌ  ([2])فليس الفقرُ وضِيق الرزقِ بدليلٍ على إهانةِ اللهِ لعَبده، بل هو حِكمةٌ من اللهِ تبارك وتعالى ، فلا قَبض الدنيَا دليلٌ على الإهانَة، ولا بَسطها دليلٌ على الكرامَة.

***


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (4101).

([2])أخرجه: البخاري رقم (2567)، ومسلم رقم (2972).