ويَدور فيها كمَا يَدور الحِمار بِرَحَاهُ،
يعني: كما يَدور الحِمار بالرَّحَى الذِي يطحنُ به الحُبوب كما هو مَعروفٌ؛ عقوبةً
له؛ لأنه كانَ يأمُر بالمعروفِ ويَنهى عن المُنكر باللسانِ، ولا يَعمل بما يقولُ.
قوله: «فَغَلَّ نَمِرَةً» أي: أخذَ شيئًا مِن
اللباسِ، «فَدُرِّعَ الآنَ مِثْلَهَا مِنْ
نَارٍ»، هذا عُقوبة؛ لأن الغُلولَ مِن الكبائرِ، فاللهُ جل وعلا أطلعَ نبيَّه
صلى الله عليه وسلم على ما فعلَه هذا الرجُل، وأنه يُعذَّب في قَبره بسببِ هذا
الفِعل، ولذلكَ قالَ: «أُفٍّ لَكَ» -
كلمة تَضجُّر - بسببِ التمرةِ التي أخذَها، فدلَّ على أن اللهَ يُجازِي على
الأعمالِ السَّيِّئة.
وقوله: «كَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالبِرِّ
وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ» فيه دليلٌ على أنه لابُدَّ من العملِ، ولا يَكفي
القَول بغيرِ عملٍ.
وقوله: «لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ
بِهَا وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ» هذه عقوباتٌ مرتَّبة على ما فعلُوا مِن
المَعاصي، ما نفعَهم حُسن الظنِّ باللهِ مع المُبارزة بالذنوبِ والمَعاصي.
وقوله: «مَا ضَحِكَ مُنْذُ خُلِقَتِ النَّارُ» هذا ميكائيلُ عليه السلام من سَادات المَلائكة ويَخاف من النارِ، مع تَقواه وطاعتِه للهِ عز وجل .