×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

فَيُقَالُ لَهُ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ عَلَى شَكٍّ مِنْ وَعْدِ اللَّهِ وَوَعِيدِهِ وَصِدْقِ رُسُلِهِ، أَوْ تَكُونَ عَلَىيَقِينٍ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ كُنْتَ عَلَى الْيَقِينِ فَمَا تَرَكْتَ إِلاَّ ذَرَّةً عَاجِلَةً مُنْقَطِعَةً فَانِيَةً عَنْ قُرْبٍ، لأَِنَّهُ مُتَيَقَّنٌ لاَ شَكَّ فِيهِ وَلاَ انْقِطَاعَ لَهُ.

وَإِنْ كُنْتَ عَلَى شَكٍّ فَرَاجِعْ آيَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى الدَّالَّةَ عَلَى وُجُودِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ، وَصِدْقِ رُسُلِهِ فِيمَا أَخْبَرُوا بِهِ عَنِه، وَتَجَرَّدْ وَقُمْ لِلَّهِ نَاظِرًا أَوْ مُنَاظِرًا، حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ أَنَّ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ عَنِ اللَّهِ فَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لاَ شَكَّ فِيهِ، وَأَنَّ خَالِقَ هَذَا الْعَالَمِ وَرَبَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ يَتَعَالَى وَيَتَقَدَّسُ وَيَتَنَزَّهُ عَنْ خِلاَفِ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ رُسُلُهُ عَنْهُ.

وَمَنْ نَسَبَهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ شَتَمَهُ وَكَذَّبَهُ، وَأَنْكَرَ رُبُوبِيَّتَهُ وَمُلْكَهُ، إِذْ مِنَ الْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ عِنْدَ كُلِّ ذِي فِطْرَةٍ سَلِيمَةٍ، أَنْ يَكُونَ الْمَلِكُ الْحَقُّ عَاجِزًا أَوْ جَاهِلاً، لاَ يَعْلَمُ شَيْئًا، وَلاَ يَسْمَعُ، وَلاَ يُبْصِرُ، وَلاَ يَتَكَلَّمُ، وَلاَ يَأْمُرُ وَلاَ يَنْهَى، وَلاَ يُثِيبُ وَلاَ يُعَاقِبُ، وَلاَ يُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ، وَلاَ يُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ، وَلاَ يُرْسِلُ رُسُلَهُ إِلَى أَطْرَافِ مَمْلَكَتِهِ وَنَوَاحِيهَا، وَلاَ يَعْتَنِي بِأَحْوَالِ رَعِيَّتِهِ، بَلْ يَتْرُكُهُمْ سُدًى وَيُخَلِّيهِمْ هَمَلاً.

وَهَذَا يَقْدَحُ فِي مُلْكِ آحَادِ مُلُوكِ الْبَشَرِ وَلاَ يَلِيقُ بِهِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ نِسْبَةُ الْمَلِكِ الْحَقِّ الْمُبِينِ إِلَيْهِ؟

****

الشرح

هذا من عَدم إيمانِهم، يَقولون: «ذَرَّةٌ مَنْقُودَةٌ، وَلاَ دُرَّةٌ مَوْعُودَةٌ»، ويَعنون بذلك الآخرةَ، فالآخرةُ بزَعمِهم وعدٌ مُؤجَّل، وأما الدنيَا فهي حَاضرةٌ، ويَقولون: فلا تُترَك الحَاضرةُ. واللهُ جل وعلا يقولُ: {بَلۡ تُؤۡثِرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا ١٦وَٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓ ١٧} [الأعلى: 16، 17] ، فلا يُؤثِر الآخرةَ على الدنيَا إلا مؤمنٌ، ولا يُؤثِر الدنيَا على الآخرةِ إلا كافرٌ أو منافقٌ. 


الشرح