وأهلُ الإيمانِ يَجمعون بين
الخوفِ والرجَاء، فيَخافون اللهَ ويرجُونه، كما ذكرَ اللهُ عن أنبيائِه: {يَدۡعُونَ
رَبَّهُمۡ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا} خوفاً من عِقابه، وطمعاً في ثَوابه سبحانه وتعالى : {وَمِمَّا
رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ} [السجدة: 16] ، { وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ
وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ} [الإسراء: 57] ، { إِنَّهُمۡ كَانُواْ
يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ} [الأنبياء: 90] ، :
{رَغَبٗا}هذا الرجاءُ، : {
وَرَهَبٗاۖ}هذا الخوفُ، هؤلاء
هم أهلُ الإيمانِ الذينَ يجمعونَ بين الخَوْف والرجاءِ.
أما الذِي يَأخُذ الرجاءَ
فقط فهذا مُرجِئ، والذي يأخذُ الخَوف فقط فهذا مِن الخَوارج.
وقوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ
يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ} من الطاعاتِ وهم يَخافون مِن اللهِ سبحانه وتعالى ، {وَّقُلُوبُهُمۡ
وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60] لا
يَعتمدون على أعمالِهم، بل يَخافون مِن اللهِ جل وعلا ، فهم يَجمعون بينَ الخوفِ
والرجَاء، ولا يُعطِّلون الأعمالَ، بل يَعملُون هذه الأعمالَ الجليلةَ.
وقد سألتْ عائشةُ رضي الله عنها رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن هذه الآيةِ، فقالتْ: «أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الخَمْرَ وَيَزْنُونَ وَيَسْرِقُونَ؟»، فقالَ لها: «لاَ يَا ابْنَةَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَيَخَافُونَ أَلاَّ يُتَقَبَّلَ مِنْهُمْ»، أي: يعملونَ الصالحاتِ، ويخافونَ أن تُرَدَّ عليهم أعمالُهم ولا تُقبَل.