وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَصَفَ أَهْلَ
السَّعَادَةِ بِالإِْحْسَانِ مَعَ الْخَوْفِ، وَوَصَفَ الأَْشْقِيَاءَ
بِالإِْسَاءَةِ مَعَ الأَْمْنِ، مَنْ تَأَمَّلَ أَحْوَالَ الصَّحَابَةِ رضي الله
عنهم وَجَدَهُمْ فِي غَايَةِ الْعَمَلِ مَعَ غَايَةِ الْخَوْفِ، وَنَحْنُ جَمِيعًا
بَيْنَ التَّقْصِيرِ - بَلِ التَّفْرِيطِ - وَالأَْمْنِ.
فَهَذَا الصِّدِّيقُ رضي
الله عنه يَقُولُ: «وَدِدْتُ أَنِّي شَعْرَةٌ فِي جَنْبِ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ»،
ذَكَرَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ ([1]).
وَذُكِرَ عَنْهُ أَيْضًا
أَنَّهُ كَانَ يُمْسِكُ بِلِسَانِهِ وَيَقُولُ: «هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ» ([2]).
وَكَانَ يَبْكِي كَثِيرًا،
وَيَقُولُ: «ابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكُوا» ([3]).
وَكَانَ إِذَا قَامَ إِلَى
الصَّلاَةِ كَأَنَّهُ عُودٌ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ عز وجل ([4]).
وَأَتَى بِطَائِرٍ
فَقَلَبَهُ ثُمَّ قَالَ: «مَا صِيدَ مِنْ صَيْدٍ، وَلاَ قُطِعَتْ شَجَرَةٌ مِنْ
شَجَرَةٍ، إِلاَّ بِمَا ضَيَّعَتْ مِنَ التَّسْبِيحِ» ([5]).
فَلَمَّا احْتَضَرَ، قَالَ
لِعَائِشَةَ: «يَا بُنَيَّةُ، إِنِّي أَصَبْتُ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ هَذِهِ
الْعَبَاءَةَ وَهَذِهِ الْحِلاَبَ وَهَذَا الْعَبْدَ، فَأَسْرِعِي بِهِ إِلَى
ابْنِ الْخَطَّابِ» ([6]).
وَقَالَ: «وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ، تُؤْكَلُ وَتُعْضَدُ» ([7]).
([1])أخرجه: أحمد في الزهد رقم(559).