×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

وَقَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: «لَيْتَنِي خُضْرَةٌ تَأْكُلُنِي الدَّوَابُّ» ([1]).

****

الشرح

قوله: «ومَنْ تَأَمَّلَ أَحْوَالَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَجَدَهُمْ فِي غَايَةِ الْعَمَلِ مَعَ غَايَةِ الْخَوْفِ» الصحابةُ كَانوا على هَذا المِنْوال، يَخافون اللهَ جل وعلا ، ويَرجون رحمتَه، فلذلك قامُوا بالهِجْرة، والجِهاد، وإنفاقِ الأموالِ، وقامُوا بالأعمَال الصالحةِ الشَّاقة، ولم يَقتصِروا على صُحبة النبيِّ صلى الله عليه وسلم ويَقولون: نحنُ أفضلُ الأمَّة، ويَتركون الأعمالَ، بل هم أسبقُ الناسِ إلى الأعمالِ الصالحةِ، وأشدُّ الناسِ خوفاً مِن اللهِ، وأكثرُ الناسِ رجاءً لرحمةِ اللهِ سبحانه وتعالى .

فهذا أبو بكرٍ الصِّدِّيق رضي الله عنه مع صُحبته لرسولِ اللهِ وفَضله، وسَابقته في الإسلامِ، وأعمالِه الجَليلة، يقولُ هذه المَقالة مِن شِدّة الخَوف، لم يَعتمد على أعمالِه ويَقول: أنا فعلتُ كذا وعملتُ كذا، بل يَخاف اللهَ عز وجل ويَرجو رحمتَه.

ومع أعمالِه الجَليلة وفَضله رضي الله عنه كانَ عِند المَوت أشدَّ خوفاً، وبادرَ بأداءِ ما عِنده من بيتِ المَال؛ خشيةَ أن يموتَ وعندَه شيءٌ مِن أموالِ المُسلمين، وهذا مِن شِدّة خَوفه مِن اللهِ جل وعلا .


الشرح

([1])أخرجه: أحمد في الزهد رقم(582).