وَهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَرَأَ سُورَةَ
الطُّورِ إِلَى أَنْ بَلَغَ: { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ
لَوَٰقِعٞ} [الطُّورِ: 7] ،
فَبَكَى وَاشْتَدَّ بُكَاؤُهُ حَتَّى مَرِضَ وَعَادُوهُ.
وَقَالَ لاِبْنِهِ وَهُوَ
فِي الْمَوْتِ: «وَيْحَكَ ضَعْ خَدِّي عَلَى الأَْرْضِ عَسَاهُ أَنْ يَرْحَمَنِي»،
ثُمَّ قَالَ: «وَيْلُ أُمِّي، إِنْ لَمْ يَغْفِرْ لِي» - ثَلاَثًا - ، ثُمَّ
قُضِيَ ([1]).
وَكَانَ يَمُرُّ بِالآْيَةِ
فِي وِرْدِهِ بِاللَّيْلِ فَتُخِيفُهُ، فَيَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَيَّامًا
يُعَادُ، يَحْسَبُونَهُ مَرِيضًا([2]).
وَكَانَ فِي وَجْهِهِ رضي
الله عنه خَطَّانِ أَسْوَدَانِ مِنَ الْبُكَاءِ ([3]).
وَقَالَ لَهُ ابْنُ
عَبَّاسٍ: مَصَّرَ اللَّهُ بِكَ الأَْمْصَارَ، وَفَتَحَ بِكَ الْفُتُوحَ،
وَفَعَلَ، فَقَالَ: «وَدِدْتُ أَنِّي أَنْجُو لاَ أَجْرَ وَلاَ وِزْرَ» ([4]).
وَهَذَا عُثْمَانُ بْنُ
عَفَّانَ رضي الله عنه كَانَ إِذَا وَقَفَ عَلَى الْقَبْرِ يَبْكِي حَتَّى تُبَلَّ
لِحْيَتُهُ ([5]) وَقَالَ: «لَوْ
أَنَّنِي بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ لاَ أَدْرِي إِلَى أَيَّتِهِمَا يُؤْمَرُ
بِي، لاَخْتَرْتُ أَنْ أَكُونَ رَمَادًا قَبْلَ أَنْ أَعْلَمَ إِلَى أَيَّهِمَا
أَصِيرُ» ([6])
وَهَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَبُكَاؤُهُ وَخَوْفُهُ، وَكَانَ يَشْتَدُّ خَوْفُهُ مِنِ اثْنَتَيْنِ: طُولِ الأَْمَلِ، وَاتِّبَاعِ الْهَوَى، قَالَ: «فَأَمَّا طُولُ الأَْمَلِ فَيُنْسِي الآْخِرَةَ، وَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ، أَلاَ وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ وَلَّتْ مُدَبِّرَةً، وَالآْخِرَةَ مُقْبِلَةٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ بَنُونُ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآْخِرَةِ،
([1])أخرجه: أبو داود رقم في الزهد رقم(44).