×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 وَذَهَبَتْ حَيَاتُهُ بَاطِلاً، وَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَلُّعٌ إِلَى ذَلِكَ طَالَتْ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ بِسَبَبِ الْعَوَائِقِ، وَتَعَسَّرَتْ عَلَيْهِ أَسْبَابُ الْخَيْرِ بِحَسْبِ اشْتِغَالِهِ بِأَضْدَادِهَا، وَذَلِكَ نُقْصَانٌ حَقِيقِيٌّ مِنْ عُمُرِهِ.

وَسِرُّ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ عُمُرَ الإِْنْسَانِ مُدَّةُ حَيَّاتِهِ وَلاَ حَيَاةَ لَهُ إِلاَّ بِإِقْبَالِهِ عَلَى رَبِّهِ، وَالتَّنَعُّمِ بِحُبِّهِ وَذِكْرِهِ، وَإِيثَارِ مَرْضَاتِهِ.

****

الشرح

ومن آثارِ المَعاصي أنها «تُقَصِّرُ الْعُمُرَ وَتَمْحَقُ بَرَكَتَهُ» إما قصرًا حِسِّيًّا، وإما قصرًا مَعنويًّا، فلا يَجِد العَاصي في عُمره بَركة، فيكُون طولُه وقصرُه سَواء.

وقوله: «نُقْصَانُ عُمُرِ الْعَاصِي هُوَ ذَهَابُ بَرَكَةِ عُمُرِهِ وَمَحْقُهَا عَلَيْهِ» هذا واضحٌ أن العمرَ الذِي يُستعمَل في الطاعةِ - ولو كَان قصيرًا - فيه البَرَكة وفيه خيرٌ، وأما العُمر الذِي يُستعمَل في المَعاصي فلا خيرَ فيه ولو كَان طويلاً، ولو عُمِّر صاحبُه مائةَ سنةٍ، قالَ جل وعلا : {يَوَدُّ أَحَدُهُمۡ لَوۡ يُعَمَّرُ أَلۡفَ سَنَةٖ وَمَا هُوَ بِمُزَحۡزِحِهِۦ مِنَ ٱلۡعَذَابِ أَن يُعَمَّرَۗ} [البقرة: 96] ، فطولُ العُمر أو قِصره لا يَنفع ولا يَضُر إلا إذا اقترنَ بالطاعةِ أو المَعصية.

وفرقٌ بينَ مَن يَسهر الليلَ على الطاعةِ؛ مِن صلاةٍ وتلاوةِ القرآنِ واستغفارٍ، ومَن يَسهر الليلَ على لَهْوٍ ولعبٍ ومشاهدةِ الفضائياتِ والإِنْتَرنت، فهذا يكُون مُنْهَك البَدن، مَيِّت القَلب كَسلان، ويَنام عن صَلاة الفَجر التي هِي فَرضٌ، وذاكَ يقومُ إلى عِبادته نشيطاً، مُنشرِح الصَّدر، مسرورًا، ويَسهل عليه القِيام لصَلاة الفَجر، وتَسهل عليه الطاعَة، ففرقٌ بينَ هَذا وهَذا، هذا استعملَ عمرُه في الخيرِ، وهَذا استعملَ عمرُه في الشرِّ.

***


الشرح