وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: «إِنِّي لَأَعْصِي اللَّهَ فَأَرَى ذَلِكَ
فِي خُلُقِ دَابَّتِي، وَامْرَأَتِي» ([1]).
****
الشرح
ومِن آثارِ المَعاصي أن
يُحرَم العَاصي الرِّزق، كما في الحَديث: «إِنَّ
الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ»، وهذا في قَوله تبارك
وتعالى : {وَلَوۡ
أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰٓ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَفَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَرَكَٰتٖ
مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذۡنَٰهُم بِمَا كَانُواْ
يَكۡسِبُونَ} [الأعراف: 96] ،
وقوله: {وَلَوۡ
أَنَّهُمۡ أَقَامُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِم مِّن
رَّبِّهِمۡ لَأَكَلُواْ مِن فَوۡقِهِمۡ وَمِن تَحۡتِ أَرۡجُلِهِمۚ} [المائدة: 66] .
وقوله: «تَقْوَى اللَّهِ مَجْلَبَةٌ لِلرِّزْقِ»
كما في قَول اللهِ عز وجل : { فَإِذَا بَلَغۡنَ
أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ
وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ
ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ
وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا ٢ وَيَرۡزُقۡهُ
مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ
إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا ٣} [الطلاق: 2، 3] ،
فتَقوى اللهِ سببٌ للخُروج من الشَّدائد، وسببٌ لجَلْب الرِّزق، والمَعصية
بالعكسِ.
وقوله: «فَتَرْكُ التَّقْوَى مَجْلَبَةٌ لِلْفَقْرِ»، فإن قِيل: أنتم تَقولون هَذا، فما بَالُ الكُفار بأَيديهم أموالٌ وقُوَّة وهم كُفار؟! فنَقول لهم: الكُفار يُستَدرجون، وهذا استدراجٌ مِن اللهِ سبحانه وتعالى لهم، وأما ما يُعطاه أهلُ الإيمانِ فإنما هو إعانةٌ لهم على طاعةِ اللهِ، وجزاءٌ لهم على تَقواهم وإحسانِهم، ففرقٌ بين العَطاءَيْنِ: عَطاء أهلِ الإيمانِ، وعَطاء أهلِ الكُفر.
([1])أخرجه: أبو نعيم في الحلية (8/109).