×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» ([1]).

****

الشرح

كذلكَ من عُقوبات المَعاصي: أنها تسلبُ الحَياء من الإنسانِ، فلا يَستحي من فِعل المَعاصي، ولا يَعتبرها شيئاً يُشَان عليه، خلافاً للمُؤمن فهو يَستحي، وفي الحَديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا لَمْ تَسْتَحِي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» ([2]).

فالحياءُ يَمنعُ الإنسانَ من فِعل الأشياءِ القَبيحة، ومَن لم يكُن عِنده حَياءٌ فإنه لا يَأنفُ مِن قُبحها ولا يَراها شيئاً.

وقوله: «حَتَّى يَفْتَخِرَ أَحَدُهُمْ بِالْمَعْصِيَةِ» يَفتخرون بالمَعاصي، ويَعتبرونها رُجولةً وتَقدُّماً، وفَهْمًا للحياةِ، إلى غَير ذلك من الأمورِ، ولا يَعتبرونها معاصيَ؛ لأنهم ليسَ في قُلوبهم أَنَفَةٌ وكَراهية للمَعاصي، أُخِذتْ منها هذه الأشيَاءُ بسببِ كَثرة الذنوبِ.

وقوله: «وَهَذَا الضَّرْبُ مِنَ النَّاسِ لاَ يُعَافَوْنَ»، إذا بَلغُوا هذا الحَدَّ فإنهم لا يُعافون من المَعاصي، كما قالَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم : «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلاَّ المُجَاهِرُونَ»، فالذِين لا يَستحيون مِن المَعاصي لا يُعافون منها، أما الذِي يَستحي فإنه يُعافَى بإذنِ اللهِ.


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (4031)، وأحمد رقم (5114).

([2])أخرجه: البخاري رقم (3484).