ومَعنى المُجاهرة: أن يتحدَّث
الإنسانُ بالمَعاصي التِي فعلَها؛ مُفتخِرًا بها وإن لم يَفعلها عَلاَنِيةً، لكن
حَديثه عنها وذِكْره لها فِيه مُجاهرة بالمَعصية.
وقوله: «أَنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ مِنَ الْمَعَاصِي
فَهِيَ مِيرَاثٌ عَنْ أُمِّةٍ مِنَ الأُْمَمِ»، كما يُقال: لكُلِّ قومٍ وارثٌ،
فالذِين يَبْخَسون المَكَايِيل ويَغشُّون الناسَ في المُعاملات وارثونَ لقومِ
شُعَيْب أصحابِ مَدْيَن، والذِين يَقعُون في جَريمة اللواطِ وارثونَ لقومِ لُوط،
والذينَ يتكبَّرون على الناسِ ويتجبَّرون وارثونَ لفِرعون وقَوم عادٍ.
وقوله: «لاَ تدْخُلُوا مَدَاخِلَ أَعْدَائِي»
فيه النَّهْيُ عن التشبُّه بالكُفار والأشقياءِ في مَلابسهم ومَجالسهم وعَاداتهم،
وهذا كقولِه صلى الله عليه وسلم : «مَنْ
تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»، فمِن عَلامات مَحبَّة المَعصية التشبُّه
بأهلِها.
وقوله: «بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ» يعني: الجِهاد في
سَبيل اللهِ لإعلاءِ كَلمة اللهِ، «بَيْنَ
يَدَيِ السَّاعَةِ» أي: قَبْلَ الساعةِ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم هو آخرُ
الرُّسُلِ، وليس من بَعده رسولٌ حتى تقومَ الساعةُ، وبِعْثَتُه صلى الله عليه وسلم
من عَلامات الساعةِ، «حَتَّى يُعْبَدَ
اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ» هذا هو الغَرَض من الجِهاد: عِبادة اللهِ
عز وجل ، لأن اللهَ خلقَ الناسَ لعِبادته، فإذا تَركوها وجبَ جِهادُهم حتى يَرجعوا
إليها.
وقوله: «وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي»، وهو الغَنَائِم، فالغَنائم حَلالٌ لهذه الأُمَّة، وهي أَحَلُّ شيءٍ: {فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمۡتُمۡ حَلَٰلٗا} [الأنفال: 69] ؛ لأنها أموالُ أعداءِ اللهِ رَجعتْ إلى أولياءِ اللهِ، واللهُ إنما خلقَ هذه الأموالَ لأهلِ الإيمانِ.