«وَأَمَّا الْقَوْمُ
الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ، فَإِنَّهُمْ
قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ» ([1]).
****
الشرح
هذا الحديثُ حَديث عَظيم،
وهو رُؤيا رَآها النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، ورُؤيا الأنبياءِ حقٌّ، أما رُؤيا
غَيرهم فمِنها ما هو صَحيح، ومِنها ما هو غَير صحيحٍ.
فما كانَ صحيحًا منها فهي
حقٌّ، وهي من المُبشِّرات وجُزء من النُّبوَّة، أما إذا كَانت أضغاثَ أحلامٍ، أو
كانتْ رُؤى من الشيطانِ فهذه لا قيمةَ لها، فليس كُل رُؤيا تكونُ رُؤيا صحيحَة.
وفي هذا الوقتِ انشغلَ
الناسُ بالأحلامِ، وتفسيرِ الأحلامِ، وصارَ كُلٌّ يَأتي برُؤيا، وصَار كُلٌّ
يعبِّر الرُّؤى، ولا شكَّ أن هذا عملٌ غيرُ صحيحٍ، فهو يَشغلُ الناسَ، ويَكثر معه
الكذبُ، ويكثرُ معه التَّخَرُّص في التعبيرِ، فلا يَنبغي الإفرَاط في هذا الأَمر
والمُبالغة في الانشغالِ بالأحلامِ بتَعبيرها، فقد يتصدَّى لها أناسٌ لا يُحسِنون
التعبيرَ وإنما يتخرَّصون، أو يكُون مَعهم مَن مَعهم مِن الجِنِّ والشَّياطين
فيُوَسْوِسون لهم ويُخْبِرُونهم بأشياءَ قد يَغْتَرُّ بعضُ الناسِ بها، وهِي من
عملِ الشياطينِ.
أما الرُّؤيا الصحِيحة فهِي رُؤيا حَق، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم رَأى هَذه الرُّؤيا التِي فيها عَجائب، وفيها أَشياء مُزعجة، وفيها أشيَاء طيِّبة، وهي تَدور على الحَسنات والسيِّئات، فأناسٌ يُعذَّبون بذُنوبهم وهذا من عَذاب البَرزخ، وأناسٌ يُنعَّمون بحَسناتهم وطَاعاتهم.
([1])أخرجه: البخاري رقم (7047).