فَالذَّنْبُ إِمَّا يُمِيتُ الْقَلْبَ، أَوْ
يُمْرِضُهُ مَرَضًا مُخَوِّفًا، أَوْ يُضْعِفُ قُوَّتَهُ وَلاَ بُدَّ حَتَّى
يَنْتَهِيَ ضَعْفُهُ إِلَى الأَْشْيَاءِ الثَّمَانِيَةِ الَّتِي اسْتَعَاذَ
مِنْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ: الْهَمُّ، وَالْحَزَنُ، وَالْعَجْزُ،
وَالْكَسَلُ، وَالْجُبْنُ، وَالْبُخْلُ، وَضَلَعُ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةُ
الرِّجَالِ ([1]).
وَكُلُّ اثْنَيْنِ مِنْهَا
قَرِينَانِ: فَالْهَمُّ وَالْحَزَنُ قَرِينَانِ، فَإِنَّ الْمَكْرُوهَ الْوَارِدَ
عَلَى الْقَلْبِ إِنْ كَانَ مِنْ أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ يَتَوَقَّعُهُ أَحْدَثَ
الْهَمَّ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمْرٍ مَاضٍ قَدْ وَقَعَ أَحْدَثَ الْحَزَنَ.
وَالْعَجْزُ وَالْكَسَلُ
قَرِينَانِ: فَإِنْ تَخَلَّفَ الْعَبْدُ عَنْ أَسْبَابِ الْخَيْرِ وَالْفَلاَحِ،
إِنْ كَانَ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ فَهُوَ الْعَجْزُ، وَإِنْ كَانَ لِعَدَمِ
إِرَادَتِهِ فَهُوَ الْكَسَلُ.
وَالْجُبْنُ وَالْبُخْلُ
قَرِينَانِ: فَإِنَّ عَدَمَ النَّفْعِ مِنْهُ إِنْ كَانَ بِبَدَنِهِ فَهُوَ
الْجُبْنُ، وَإِنْ كَانَ بِمَالِهِ فَهُوَ الْبُخْلُ.
وَضَلَعُ الدَّيْنِ وَقَهْرُ
الرِّجَالِ قَرِينَانِ: فَإِنَّ اسْتِعْلاَءَ الْغَيْرِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ
بِحَقٍّ فَهُوَ مِنْ ضَلَعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ بِبَاطِلٍ فَهُوَ مِنْ قَهْرِ
الرِّجَالِ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ
الذُّنُوبَ مِنْ أَقْوَى الأَْسْبَابِ الْجَالِبَةِ لِهَذِهِ الثَّمَانِيَةِ،
كَمَا أَنَّهَا مِنْ أَقْوَى الأَْسْبَابِ الْجَالِبَةِ لِجَهْدِ الْبَلاَءِ،
وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَْعْدَاءِ، وَمِنْ
أَقْوَى الأَْسْبَابِ الْجَالِبَةِ لِزَوَالِ نِعَمِ اللَّهِ، وَتَحَوُّلِ
عَافِيَتِهِ إِلَى نِقْمَتِهِ، وَتَجْلِبُ جَمِيعَ سُخْطِهِ.
مَرَضُ القلبِ على قِسمين:
مرضٌ عضويٌّ: وهو الذِي يُعالجه الأطباءُ.
([1])أخرجه: البخاري رقم (2893).