هذا هو الجَديد، والمَقصود
بالعِلم هو عِلم القَلب، وليس عِلم اللسانِ؛ لأن عِلم اللسانِ يكُون مع
المُنافقين، بينما عِلم القَلب، هو العِلم الصَّحيح الذِي مع المُؤمنين.
وقد جاءَ الشافعيُّ إلى
حلقةِ الإمامِ مَالكٍ رحمَهما اللهُ، فجَلس فيها وهو صغيرٌ، فرأَى مِنه الإمامُ
مَالكٌ حِرْصه وحِفظه لما يَقول، فإذا قالَ شيئًا أو حدَّث بحديثٍ، أو فسَّر
بتفسيرٍ، يَحفظه مُباشرة، فلما رَأى هَذه النَّجَابة، وهذا الذكَاء، وهذا الحِفظ،
وهذا الإقبَال في هذا الطفلِ، قالَ لَه: «إني
أَرَى اللهَ تَعالى قد أَلْقَى على قَلبك نورًا، فلا تُطفئه بظُلمة المَعصية»؛
لأن اللهَ تبارك وتعالى يقول: {وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ
وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُۗ} [البَقَرَة: 282] ، فإذا أقبلَ العبدُ على اللهِ واشتغلَ
بالطاعةِ، زَاده اللهُ عِلمًا وبَصيرة.
وقوله: «يَغْشَى الْوَجْهَ مِنْهَا سَوَادٌ،
بِحَسَبِ قُوَّتِهَا وَتَزَايُدِهَا»، وهذا شَيء وَاضح، تَجِد العُصاة وجُوههم
مُسوَدَّة، عليها ظُلمةٌ، وتَجِد أهلَ الطاعةِ على وجُوههم النُّور.
فإذا رأيتَ النُّور على وجهِ
أحدٍ فاعلمْ أنه صَاحِب طاعةٍ، وإذا رأيتَ الظُّلمة في وجهِ أحدٍ فاعلمْ أنه صاحبُ
مَعصيةٍ، هذا شيءٌ يَظهر على الوجُوه.
***
الصفحة 2 / 436