×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 فَوَالَيْتُمْ عَدُوِّي وَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِمُعَادَاتِهِ. وَمَنْ وَالَى أَعْدَاءَ الْمَلِكِ، كَانَ هُوَ وَأَعْدَاؤُهُ عِنْدَهُ سَوَاءً، فَإِنَّ الْمَحَبَّةَ وَالطَّاعَةَ لاَ تَتِمُّ إِلاَّ بِمُعَادَاةِ أَعْدَاءِ الْمُطَاعِ وَمُوَالاَةِ أَوْلِيَائِهِ، وَأَمَّا أَنْ تُوَالِيَ أَعْدَاءَ الْمَلِكِ ثُمَّ تَدَّعِي أَنَّكَ مُوَالٍ لَهُ، فَهَذَا مُحَالٌ.

هَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَدُوُّ الْمَلِكِ عَدُوًّا لَكُمْ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ عَدُوَّكُمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَالْعَدَاوَةُ الَّتِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ أَعْظَمُ مِنَ الْعَدَاوَةِ الَّتِي بَيْنَ الشَّاةِ وَبَيْنَ الذِّئْبِ؟! فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالْعَاقِلِ أَنْ يُوَالِيَ عَدُوَّهُ عَدُوَّ وَلِيِّهِ وَمَوْلاَهُ الَّذِي لاَ مَوْلَى لَهُ سِوَاهُ؟!

وَنَبَّهَ سُبْحَانَهُ عَلَى قُبْحِ هَذِهِ الْمُوَالاَةِ بِقَوْلِهِ: {وَهُمۡ لَكُمۡ عَدُوُّۢۚ} [الْكَهْفِ: 50] ، كَمَا نَبَّهَ عَلَى قُبْحِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِۦٓۗ} [الْكَهْفِ: 50] ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ عَدَاوَتَهُ لِرَبِّهِ وَعَدَاوَتَهُ لَنَا، كُلٌّ مِنْهُمَا سَبَبٌ يَدْعُو إِلَى مُعَادَاتِهِ، فَمَا هَذِهِ الْمُوَالاَةُ؟! وَمَا هَذَا الاِسْتِبْدَالُ؟! بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً.

وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ تَحْتَ هَذَا الْخِطَابِ نَوْعٌ مِنَ الْعِتَابِ لَطِيفٌ عَجِيبٌ وَهُوَ أَنِّي عَادَيْتُ إِبْلِيسَ إِذْ لَمْ يَسْجُدْ لأَِبِيكُمْ آدَمَ مَعَ مَلاَئِكَتِي فَكَانَتْ مُعَادَاتُهُ لأَِجْلِكُمْ، ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةُ هَذِهِ الْمُعَادَاةِ أَنْ عَقَدْتُمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ عَقْدَ الْمُصَالَحَةِ!

****

الشرح

الصِّلة بينَ اللهِ وبينَ عِباده بالطاعةِ، والقَطِيعة بالمَعصية؛ فإذا عصيتَ اللهَ فقد قَاطعته، وإذا أطعتَه فقد واصلتَه، وكَونك تُواصل رَبك لا شكَّ أن هذا أحسنُ لك مِن أنك تُقاطع اللهَ عز وجل .


الشرح