×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 فَصْلٌ

وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّهَا تُجَرِّئُ عَلَى الْعَبْدِ مَا لَمْ يَكُنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْنَافِ الْمَخْلُوقَاتِ، فَتَجْتَرِئُ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينَ بِالأَْذَى وَالإِْغْوَاءِ وَالْوَسْوَسَةِ وَالتَّخْوِيفِ وَالتَّحْزِينِ، وَإِنْسَائِهِ مَا بِهِ مَصْلَحَتُهُ فِي ذِكْرِهِ، وَمَضَرَّتُهُ فِي نِسْيَانِهِ، فَتَجْتَرِئُ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ حَتَّى تَؤُزَّهُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ أَزًّا.

وَتَجْتَرِئُ عَلَيْهِ شَيَاطِينُ الإِْنْسِ بِمَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الأَْذَى فِي غَيْبَتِهِ وَحُضُورِهِ، وَيَجْتَرِئُ عَلَيْهِ أَهْلُهُ وَخَدَمُهُ وَأَوْلاَدُهُ وَجِيرَانُهُ، حَتَّى الْحَيَوَانُ الْبَهِيمُ! قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: «إِنِّي لَأَعْصِي اللَّهَ فَأَعْرِفُ ذَلِكَ فِي خُلُقِ امْرَأَتِي وَدَابَّتِي».

وَكَذَلِكَ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ أَوْلِيَاءُ الأَْمْرِ بِالْعُقُوبَةِ الَّتِي إِنْ عَدَلُوا فِيهَا أَقَامُوا عَلَيْهِ حُدُودَ اللَّهِ، وَتَجْتَرِئُ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فَتَتَأَسَّدُ عَلَيْهِ وَتَصْعُبُ عَلَيْهِ، فَلَوْ أَرَادَهَا لِخَيْرٍ لَمْ تُطَاوِعْهُ وَلَمْ تَنْقَدْ لَهُ، وَتَسُوقُهُ إِلَى مَا فِيهِ هَلاَكُهُ، شَاءَ أَمْ أَبِي.

وَذَلِكَ لأَِنَّ الطَّاعَةَ حِصْنُ الرَّبِّ تبارك وتعالى الَّذِي مَنْ دَخَلَهُ كَانَ مِنَ الآْمِنِينَ، فَإِذَا فَارَقَ الْحِصْنَ اجْتَرَأَ عَلَيْهِ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ وَغَيْرُهُمْ، وَعَلَى حَسَبِ اجْتِرَائِهِ عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ يَكُونُ اجْتِرَاءُ هَذِهِ الآْفَاتِ وَالنُّفُوسِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ يَرُدُّ عَنْهُ. فَإِنَّ ذِكْرَ اللَّهِ وَطَاعَتَهُ وَالصَّدَقَةَ وَإِرْشَادَ الْجَاهِلِ، وَالأَْمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ؛ وِقَايَةٌ تَرُدُّ عَنِ الْعَبْدِ، بِمَنْزِلَةِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَرُدُّ الْمَرَضَ وَتُقَاوِمُهُ، فَإِذَا سَقَطَتِ الْقُوَّةُ غَلَبَ وَارِدُ الْمَرَضِ فَكَانَ الْهَلاَكُ.


الشرح