×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 فَلاَبُدَّ لِلْعَبْدِ مِنْ شَيْءٍ يَرُدُّ عَنْهُ، فَإِنَّ مُوجِبَ السَّيِّئَاتِ وَالْحَسَنَاتِ تَتَدَافَعُ وَيَكُونُ الْحُكْمُ لِلْغَالِبِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكُلَّمَا قَوِيَ جَانِبُ الْحَسَنَاتِ كَانَ الرَّدُّ أَقْوَى، فَإِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا، وَالإِْيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، فَبِحَسَبِ قُوَّةِ الإِْيمَانِ يَكُونُ الدَّفْعُ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

****

الشرح

ومن عُقوبات المَعصية وآثارِها على العَاصي: أنها تجرِّئ عليه السِّفْلَة، وتجرِّئ عليه الأعدَاء؛ لأنه لما كانَ مِن أهلِ الطاعَة كَان في رِفعة ومَنزلة وحِصن حَصين، والمَخلوقات تُجِلّه وتُعَظّمه، حَتى الكُفار والعُصاة يُعظِّمون صَاحب الطاعةِ ويُجلّونه، وهَذا شَيء في قُلوبهم رغمًا عَنهم، أما إذا وقعَ في المَعصية فإن هَذا يسهِّل على الأعداءِ وعلى السِّفْلَة التَّعَدي عليه والنَّيْل منه، حَتى الدَّواب والبَهائم.

وقوله: «فَتَجْتَرِئُ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينَ بِالأَْذَى وَالإِْغْوَاءِ»، يعني: يفتحُ على نَفسه بابًا للشيطانِ، فإذا عَصى اللهَ صَار الشيطانُ يُوسْوِس له ويزيِّن له الإكثَار مِن المَعاصي والشَّهوات، أما قبلَ أن يحصُل مِنه ذنبٌ فإن البابَ كان مُوصَدًا في وجهِ الشيطانِ.

وقوله: «حَتَّى تَؤُزَّهُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ أَزًّا»، كَما قالَ تَعالى: {أَلَمۡ تَرَ أَنَّآ أَرۡسَلۡنَا ٱلشَّيَٰطِينَ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ تَؤُزُّهُمۡ أَزّٗا} [مريم: 83] ، تدفعُهم إلى المَعاصي والكُفر والشِّرك؛ لأنهم ليسَ عِندهم مَنعةٌ.

وقوله: «وَتَجْتَرِئُ عَلَيْهِ شَيَاطِينُ الإِْنْسِ»، فلذلكَ لا تَجِد شياطينَ الإنسِ يَأتُون إلى أهلِ الطاعةِ المُستقيمين بل يَنفرون مِنهم، فتَجِد السِّفْلَة والعُصاة والفَسَقة يَأتُون إلى العُصاة، ولا يَأتُون إلى أهلِ الطاعاتِ.


الشرح