وقال الله تبارك وتعالى : { وَمَن
يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ ٣٦وَإِنَّهُمۡ
لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ ٣٧حَتَّىٰٓ
إِذَا جَآءَنَا قَالَ يَٰلَيۡتَ بَيۡنِي وَبَيۡنَكَ بُعۡدَ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ فَبِئۡسَ
ٱلۡقَرِينُ ٣٨} [الزُّخْرُفِ: 36-
38] ، فالإنسانُ إذا تَرك ذِكْر اللهِ جل وعلا ، وهجرَ القُرآن، فإن الشيطانَ
يُقارنه، أي: يكُون قرينًا عقوبةً له، خلافاً للمُؤمن الذِي يَذكر اللهَ؛ فإنه
يكُون معَه مَلَكٌ مِن المَلائكة يُسدِّده ويعينُه.
وقوله: {وَيَحۡسَبُونَ
أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ} هَذه المُشكلة، فلو أنه حِين يُخطِئ يعرفُ أنه مُخطِئ
ربما بادرَ إلى التَّوبة، لكن المُشكِلة أنه يحسبُ أنه مُهتدٍ فلا يَتوبُ إلى
اللهِ، وهذا مِن العُقوبة والعِياذُ باللهِ.
وقوله: «وَعَشَتْ بَصِيرَتُهُ عَنْ فَهْمِهِ
وَتَدَبُّرِهِ»، العَشَا: ذهابُ البَصيرة، والأَعْشَى: هو الذِي يُبصر
بالنهارِ ولا يُبصر بالليلِ، فمَن عميَ عن تدبُّر القُرآن والعَمل بما فِيه، فإنه
يُبتلَى بمُقارنة الشيطانِ.
وقوله: {وَلَن
يَنفَعَكُمُ ٱلۡيَوۡمَ إِذ ظَّلَمۡتُمۡ أَنَّكُمۡ فِي ٱلۡعَذَابِ مُشۡتَرِكُونَ} [الزُّخْرُفِ: 39]
كُل واحدٍ يَرى أنه أشدُّ الناسِ عذاباً، ولا يُخفَّف عنه كَون مَعه ناسٍ آخرينَ،
كما أن الناسَ في الدنيَا إذا أصَابتهم مَصائبُ، ورَأى الإنسانُ غيرَه مُصاباً
مِثله يَهون عَليه هَذا الشيءُ، لكِن في الآخرةِ أَهل النارِ لا يُخفَّف عنهم
الاشتراكُ في العَذاب.
مثل: الخَنْسَاء لما قُتِل
أَخُوها صَخْر بَكَتْهُ وحَزنت عليه أشدَّ الحُزن، وقالتْ فيه الأشعارَ الكَثيرة،
لكن لمَّا رأتِ الناسَ مِثلها مُصابين بإخوانِهم هَان عَليها ذَلك، فقالتْ:
فَلَوْلاَ
كَثْرَةُ البَاكِينَ حَوْلِي |
|
عَلَى
إِخْوَانِهِمْ لَقَتَلْتُ نَفْسِي |
وَمَا
يَبْكُونَ مِثْلَ أَخِي وَلَكِنْ |
|
أُعَزِّي
النَّفْسَ عَنْهُ بِالتَّأَسِّي |
***
الصفحة 7 / 436