×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 بِعَذَابِ قَرِينِهِ مَعَهُ، وَإِنْ كَانَتِ الْمَصَائِبُ فِي الدُّنْيَا إِذَا عَمَّتْ صَارَتْ مَسْلاَةً، كَمَا قَالَتِ الْخَنْسَاءُ فِي أَخِيهَا صَخْرٍ ([1]) :

فلَوْلاَ كَثْرَةُ الْبَاكِينَ حَوْلِي

 

عَلَى إِخْوَانِهِمْ لَقَتَلْتُ نَفْسِي

وَمَا يَبْكُونَ مِثْلَ أَخِي وَلَكِنْ

 

أُعَزِّي النَّفْسَ عَنْهُ بِالتَّأَسِّي

فَمَنَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هَذَا الْقَدْرَ مِنَ الرَّاحَةِ عَلَى أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ: {وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلۡيَوۡمَ إِذ ظَّلَمۡتُمۡ أَنَّكُمۡ فِي ٱلۡعَذَابِ مُشۡتَرِكُونَ} [الزُّخْرُفِ: 39] .

****

الشرح

قوله: «حَتَّى يُوصِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِهِ وَيُرْشِدَهُ إِلَيْهِ وَيَحُضَّهُ عَلَيْهِ»، لا يكفِي أن يكُون الإنسانُ صَالحاً في نفسِه، بل لا بُدَّ أن يَسعى في إصلاحِ الآخرينَ، ولا يَقتصِر على نَفسه.

فكُل الناسِ يَعمل، لا أحدَ مُعطَّل في هَذه الدنيَا، لكِن هُناك مَن يَعمل للخَير ويَسير إلى الدارِ الآخِرة والجَنة، وهُناك مَن يَعمل الشرَّ ويَسير إلى النارِ، فلا أحدَ مُعطَّل في هَذه الدنيَا إلا مَن ليسَ له عَقلٌ كالمَجانين والمَعتوهين الذينَ ليسَ لهم عقولٌ، فهؤلاء ليسَ لهم حَسنات ولا لهم سيِّئات مِثل البَهائم.

وقوله: «قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ شَيْطَانًا عُقُوبَةً لَهُ بِإِعْرَاضِهِ عَنْ كِتَابِهِ، فَهُوَ قَرِينُهُ الَّذِي لاَ يُفَارِقُهُ فِي الإِْقَامَةِ وَلاَ فِي الْمَسِيرِ»، ولذلكَ الشيطانُ لا يَأتي مَع طريقٍ يَمشي فيه عُمر رضي الله عنه كمَا أخبرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم : «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيتُ الشَّيْطَانَ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ» ([2]) لقوةِ إيمانِ عُمر، ونُور بَصيرته رضي الله عنه يحرقُه.


الشرح

([1])يُنظر: ديوان الخنساء (ص: 326).

([2])أخرجه: البخاري رقم (3294)، ومسلم رقم (2396).