قَرِينُكَ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْحَشْرِ بَعْدَهَا |
|
فَأَنْتَ قَرِينٌ لِي بِكُلِّ مَكَانِ |
فَإِنْ كُنْتَ فِي دَارِ الشَّقَاءِ فَإِنَّنِي |
|
وَأَنْتَ جَمِيعًا فِي شَقَا وَهَوَانِ |
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَن يَعۡشُ
عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ ٣٦وَإِنَّهُمۡ
لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ ٣٧حَتَّىٰٓ
إِذَا جَآءَنَا قَالَ يَٰلَيۡتَ بَيۡنِي وَبَيۡنَكَ بُعۡدَ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ فَبِئۡسَ
ٱلۡقَرِينُ ٣٨وَلَن يَنفَعَكُمُ ٱلۡيَوۡمَ إِذ ظَّلَمۡتُمۡ أَنَّكُمۡ فِي ٱلۡعَذَابِ
مُشۡتَرِكُونَ ٣٩}
[الزُّخْرُفِ: 36- 39] .
فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ
أَنَّ مَنْ عَشا عَنْ ذِكْرِهِ - وَهُوَ كِتَابُهُ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى
رَسُولِهِ - فَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَعَمِيَ عَنْهُ، وَعَشَتْ بَصِيرَتُهُ عَنْ
فَهْمِهِ وَتَدَبُّرِهِ وَمَعْرِفَةِ مُرَادِ اللَّهِ مِنْهُ؛ قَيَّضَ اللَّهُ
لَهُ شَيْطَانًا عُقُوبَةً لَهُ بِإِعْرَاضِهِ عَنْ كِتَابِهِ، فَهُوَ قَرِينُهُ
الَّذِي لاَ يُفَارِقُهُ فِي الإِْقَامَةِ وَلاَ فِي الْمَسِيرِ، وَمَوْلاَهُ
وَعَشِيرُهُ الَّذِي هُوَ بِئْسَ الْمَوْلَى وَبِئْسَ الْعَشِيرُ.
رَضِيعَي لِبَانِ ثَدْيِ أُمٍّ تَقَاسَمَا |
|
بِأَسْحَمَ دَاجٍ عَوْضُ لاَ نَتَفَرَّقُ([1]) |
ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ
أَنَّ الشَّيْطَانَ يَصُدُّ قَرِينَهُ وَوَلِيَّهُ عَنْ سَبِيلِهِ الْمُوَصِّلِ
إِلَيْهِ وَإِلَى جَنَّتِهِ، وَيَحْسَبُ هَذَا الضَّالُّ الْمَصْدُودُ أَنَّهُ
عَلَى طَرِيقِ هُدًى، حَتَّى إِذَا جَاءَ الْقَرِينَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِلآْخَرِ: يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ
الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ كُنْتَ لِي فِي الدُّنْيَا،
أَضْلَلْتَنِيعَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي، وَصَدَدْتَنِي عَنِ الْحَقِّ
وَأَغْوَيْتَنِي حَتَّى هَلَكْتُ، وَبِئْسَ الْقَرِينُ أَنْتَ لِي الْيَوْمَ!
وَلَمَّا كَانَ الْمُصَابُ إِذَا شَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي مُصِيبَةٍ، حَصَلَ لَهُ بِالتَّأَسِّي نَوْعُ تَخْفِيفٍ وَتَسْلِيَةٍ، أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ وَغَيْرُ حَاصِلٍ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِكِينَ فِي الْعَذَابِ، وَأَنَّ الْقَرِينَ لاَ يَجِدُ رَاحَةً وَلاَ أَدْنَى فَرَحٍ
([1])يُنسب البيت للأعشى، يُنظر: ديوانه (ص: 275).