وَاشْتَرَى مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ،
يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ، وَأَخْبَرَ
أَنَّذَلِكَ وَعْدٌ مُؤَكَّدٌ عَلَيْهِ فِي أَشْرَفِ كُتُبِهِ، وَهِيَ
التَّوْرَاةُ وَالإِْنْجِيلُ وَالْقُرْآنُ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لاَ أَوْفَى
بِعَهْدِهِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَبْشِرُوا بِهَذِهِ
الصَّفْقَةِ الَّتِي مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ قَدْرَهَا فَلْيَنْظُرْ إِلَى
الْمُشْتَرِي مَنْ هُوَ؟ وَإِلَى الثَّمَنِ الْمَبْذُولِ فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ،
وَإِلَى مَنْ جَرَى عَلَى يَدَيْهِ هَذَا الْعَقْدُ، فَأَيُّ فَوْزٍ أَعْظَمُ مِنْ
هَذَا؟! وَأَيُّ تِجَارَةٍ أَرْبَحُ مِنْهُ؟!
ثُمَّ أَكَّدَ سُبْحَانَهُ
مَعَهُمْ هَذَا الأَْمْرَ بِقَوْلِهِ: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ تِجَٰرَةٖ تُنجِيكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ ١٠تُؤۡمِنُونَ
بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡۚ
ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ١١ يَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡ
وَيُدۡخِلۡكُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ وَمَسَٰكِنَ طَيِّبَةٗ
فِي جَنَّٰتِ عَدۡنٖۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ١٢وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ نَصۡرٞ
مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحٞ قَرِيبٞۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ١٣ } [الصَّفِّ: 10-
13] .
****
الشرح
مِن عُقوبات المَعاصي: أنها
تُساعد أعداءَه مِن شَياطين الإنسِ والجِن عليه، فإذا عَصى اللهَ فرحَ عَدوُّه
بذلك وتسلَّط عليهِ.
لو أرادَ اللهُ سبحانه
وتعالى أن يُهلك إبليسَ وجُنده، ويُهلك الكُفار لفَعَلَ؛ لأنه قادرٌ على ذلكَ،
ولكِنه أبقَاهُم للابتلاءِ والامتحانِ، والجِهاد في سَبيل اللهِ؛ إذْ لَوْلا وُجود
الشيطانِ وجُنده ما حصلَ الجِهاد في سَبيل اللهِ، ولا تميَّز المُؤمن الصَّادق مِن
المُنافق والكَاذب، فللهِ حِكمةٌ سُبحانه في بَقاء إبليسَ وجُنده، وبَقاء الكُفار،
مع أنهم أعداءُ اللهِ وأعداءُ رُسله، لكِنَّ اللهَ أَبْقَاهم للابتلاءِ
والامتحانِ: { ذَٰلِكَۖ
وَلَوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَاْ بَعۡضَكُم
بِبَعۡضٖۗ} [محمد: 4] ، هذه
حكمة عظيمة.