وأكثرُ الناسِ يَقبلون هذا الباطلَ، ويُرَوَّج
عَليهم هذا الشيءُ، ويَقولون: نَعَمْ، هذا تَنزيهٌ، فيُتابعون هَؤلاء على هَذا
الباطلِ بحُجَّة أنه تَنزيهٌ للهِ جل وعلا ، ولم يَعلموا أنه تَنَقُّصٌ وتَشبيهٌ؛
لأنهم ما عطَّلوا إلا بعدَ ما شبَّهوا.
وحِكمةٌ من اللهِ جل وعلا
أنه يَجعلُ هؤلاءِ يُعادون الرُّسُل، ليتميَّز أهلُ الحَقِّ مِن أهلِ الباطلِ، فهم
فِتنة، خَلقهم اللهُ فِتنة، وإلا فإن اللهَ قادرٌ على أن يَنتقم مِنهم، وألا
يُوجِدهم، لكِنه سُبحانه له حِكمة في هذا، ليتميَّز أهلُ الحَقِّ مِن أهلِ
البَاطل، وأهلُ الهُدى مِن أهلِ الضَّلال.
قالَ عز وجل : {وَكَذَٰلِكَ
جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّٗا} مَن هو هَذا العَدُوّ؟ {شَيَٰطِينَ ٱلۡإِنسِ وَٱلۡجِنِّ
يُوحِي بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ} [الأَْنْعَامِ: 112] يعني: يُلقِي بَعضهم إلى بعضٍ {زُخۡرُفَ ٱلۡقَوۡلِ}، والزُّخْرُف: هو
الشيءُ المُزَوَّق الذِي ظاهرُه أنه حَسَنٌ وبَاطنه قبيحٌ، {زُخۡرُفَ ٱلۡقَوۡلِ
غُرُورٗاۚ} [الأَْنْعَامِ:
112] لأجلِ أن يَغُرُّوا مَن يَنخدِع بهم، ولا يَسلم إلا مَن عارضَهم ووَقَفَ في
وُجوهِهم.
فاللهُ تبارك وتعالى يُرسل
الرُّسل لهِداية الخَلق، ويَجعل لهم أعداءً؛ ليمتحنَ الناسَ، وليعلمَ من هو الذِي
يَتَّبعُ الرُّسل، ومَن الذِي لا يَتَّبع الرُّسل.
وهذا كُله يُؤكِّد أن عَلى
الإنسانِ أن يَحفظ أُذنه مِن سماعِ الباطلِ، وسَماع السَّاقط مِن القَول؛ لأنه
يُؤثِّر على قَلبه، وليسَ هو كَلامًا يَمُرّ ويَذهبُ، بل له تأثيرٌ على القلبِ
أشدّ مِن تأثيرِ المَرَض على الجِسم.
***
الصفحة 7 / 436