ثُمَّ اقْعُدُوا لَهُمْ
عَلَى طُرُقِ الْمَعَاصِي فَحَسِّنُوهَا فِي أَعْيُنِ بَنِي آدَمَ، وَزَيِّنُوهَا
فِي قُلُوبِهِمْ، وَاجْعَلُوا أَكْبَرَ أَعْوَانِكِمْ عَلَى ذَلِكَ النِّسَاءَ،
فَمِنْ أَبْوَابِهِنَّ فَادْخُلُوا عَلَيْهِمْ، فَنِعْمَ الْعَوْنُ هُنَّ لَكُمْ.
ثُمَّ الْزَمُوا ثَغْرَ
الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، فَامْنَعُوهَا أَنْ تَبْطِشَ بِمَا يَضُرُّكُمْ
وَتَمْشِي فِيهِ.
****
الشرح
قَوله تَعالى عن
الشَّيطان: {قَالَ
فَبِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي}، يَدُلّ على أن الشيطانَ جَبْرِيٌّ، حيثُ قالَ: {أَغۡوَيۡتَنِي}، ولم يَقُل: «غَوَيْتُ»، لم يَنسب الفِعل إلى نَفسه،
وإنما نسبَه إلى اللهِ جل وعلا ، وهذا مَذهب الجَبْرِيَّة.
وقوله: {لَأَقۡعُدَنَّ
لَهُمۡ صِرَٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ} [الأَْعْرَافِ: 16] ، هذا الذِي يتعهَّد به انتقاماً من
بَني آدمَ؛ لأن اللهَ فضَّل آدمَ عليه السلام ، فحَسَده إبليسُ وأبَى أن يَسجد له،
فلما حَصلت عليه اللعنةُ والعُقوبة تعهَّد أنه يُهلك بَني آدمَ انتقاماً لنفسِه.
ثُمَّ قالَ: {لَأٓتِيَنَّهُم
مِّنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَيۡمَٰنِهِمۡ وَعَن شَمَآئِلِهِمۡۖ} [الأَْعْرَافِ: 17]
، ولم يَقُل: «مِن فَوقِهم»؛ لأنه لا
يَقدر أن يَمنع نُزول الخَير مِن اللهِ عز وجل .
وقوله: «هِيَ أَمْوَالُنَا إِذَا أَعْطَيْنَاكُمُوهَا صِرْنَا مِثْلَكُمْ»؛ لأنه لا يَثِق بأن اللهَ تبارك وتعالى سيخلفُ له ما أنفقَ، ويُعطيه أكثرَ مِما تصدَّق؛ فأمثالُ هذا لا يَعلمون أن المُنفِق يُنفَق عليه، ويَنسون أن اللهَ جل وعلا يَرزُقهم ويُعطيهم أكثرَ مِمّا أنفقُوا، ويَظنُّون أنهم إذا أنفقُوا فلن يأتيَ مَحَلَّ ما أنفقُوه شيءٌ، فيَصيرون فُقراءَ.