×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

وَاعْلَمُوا أَنَّ الْغَضَبَ جَمْرَةٌ فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، وَالشَّهْوَةَ تَثُورُ مِنْ قَلْبِهِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ وَالصَّلاَةِ وَالذِّكْرِ وَالتَّكْبِيرِ، فَإِيَّاكُمْ أَنْ تُمَكِّنُوا ابْنَ آدَمَ عِنْدَ غَضَبِهِ وَشَهْوَتِهِ مِنْ قُرْبَانِ الْوُضُوءِ وَالصَّلاَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُطْفِئُ عَنْهُمْ نَارَ الْغَضَبِ وَالشَّهْوَةِ، وَقَدْ أَمَرَهُمْ نَبِيُّهُمْ بِذَلِكَ فَقَالَ: «إِنَّ الْغَضَبَ جَمْرَةٌ فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، أَمَا رَأَيْتُمْ مِنِ احْمِرَارِ عَيْنَيْهِ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ، فَمَنْ أَحَسَّ بِذَلِكَ فَلْيَتَوَضَّأْ» ([1]). وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ» ([2]).

وَقَدْ أَوْصَاهُمُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَعِينُوا عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ، فَحُولُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَأَنْسُوهُمْ إِيَّاهُ، وَاسْتَعِينُوا عَلَيْهِمْ بِالشَّهْوَةِ وَالْغَضَبِ، وَأَبْلَغُ أَسْلِحَتِكِمْ فِيهِمْ وَأَنْكَاهَا: الْغَفْلَةُ وَاتِّبَاعُ الْهَوَى. وَأَعْظَمُ أَسْلِحَتِهِمْ فِيكُمْ وَأَمْنَعُ حُصُونِهِمْ ذِكْرُ اللَّهِ وَمُخَالَفَةُ الْهَوَى، فَإِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ مُخَالِفًا لِهَوَاهُ فَاهْرَبُوا مِنْ ظِلِّهِ وَلاَ تَدْنُوا مِنْهُ.

وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ الذُّنُوبَ وَالْمَعَاصِيَ سِلاَحٌ وَمَدَدٌ؛ يَمُدُّ بِهَا الْعَبْدُ أَعْدَاءَهُ، وَيُعِينُهُمْ بِهَا عَلَى نَفْسِهِ، فَيُقَاتِلُونَ بِسِلاَحِهِ، وَيَكُونُ مَعَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، وَهَذَا غَايَةُ الْجَهْلِ.

مَا يَبْلُغُ الأَْعْدَاءُ مِنْ جَاهِلٍ

 

مَا يَبْلُغُ الْجَاهِلُ مِنْ نَفْسِهِ

وَمِنَ الْعَجَائِبِ: أَنَّ الْعَبْدَ يَسْعَى بِجُهْدِهِ فِي هَوَانِ نَفْسِهِ، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَهَا مُكْرِمٌ، وَيَجْتَهِدُ فِي حِرْمَانِهَا أَعْلَى حُظُوظِهَا وَأَشْرَفَهَا وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَسْعَى فِي حَظِّهَا، وَيَبْذُلُ جُهْدَهُ فِي تَحْقِيرِهَا وَتَصْغِيرِهَا وَتَدْنِيسِهَا، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُعْلِيهَا وَيَرْفَعُهَا وَيُكْبِرُهَا.


الشرح

([1])أخرجه: الترمذي رقم (2191)، وابن ماجه رقم (4000)، وأحمد رقم (11143).

([2])أخرجه: أبو داود رقم (4784)، وأحمد رقم (17985).