×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: «أَلاَ رُبَّ مُهِينٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَهَا مُكْرِمٌ، وَمُذِلٌّ لِنَفْسِهِ وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَهَا مُعِزٌّ، وَمُصَغِّرٌ لِنَفْسِهِ وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَهَا مُكَبِّرٌ، وَمُضِيعٌ لِنَفْسِهِ وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ مُرَاعٍ لِحِقِهَا»، وَكَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلاً أَنْ يَكُونَ مَعَ عَدُوِّهِ عَلَى نَفْسِهِ، يَبْلُغُ مِنْهَا بِفِعْلِهِ مَا لاَ يَبْلُغُهُ عَدُوُّهُ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

****

الشرح

قوله: «وَاعْلَمُوا أَنَّ أَكْبَرَ أَعْوَانِكُمْ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ الثُّغُورِ مُصَالَحَةُ النَّفْسِ الأَْمَّارَةِ»، النفسُ الأمَّارةُ بالسوءِ هذه أكبرُ أعوانِ الشَّيطان، وهِي عَدوٌّ للإنسانِ؛ فإذا لم يَنتبه لنفسِه ويُمسكها ويُلزمها بطاعةِ اللهِ أهلكَتْهُ بهَواها وشَهواتها، وأغلبُ نفوسِ بَني آدمَ أمَّارةٌ بالسوءِ.

وهُناك نَفسٌ لَوَّامةٌ لا تَزالُ تَلومُ صاحبَها بعد ما يَقعُ في المَعصية، حتَّى يَتُوب إلى اللهِ عز وجل ، ففرقٌ بينَها وبينَ الأمَّارة بالسُّوء التِي كُلَّما وقعَ صاحبُها في معصيةٍ تَقول له: زِدْ، وتأمرُه بالسُّوء.

ثُم أعلَى مِن النفسِ اللوَّامة: النفسُ المُطمئِنَّة.

وقوله: «فَإِنْ أَحْسَسْتُمْ مِنَ الْقَلْبِ مُنَازَعَةً إِلَى مَمْلَكَتِهِ، وَأَرَدْتُمُ الأَْمْنَ مِنْ ذَلِكَ، فَاعْقِدُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّفْسِ عَقْدَ النِّكَاحِ، فَزَيِّنُوهَا وَجَمِّلُوهَا»، ولذلكَ النَّفس أخطرُ شيءٍ على الإنسانِ؛ لأنها عدوٌّ داخليٌّ لا يشعُر به الإنسانُ، ولهَذا يقولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم : «نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا» ([1]).

فإذَا وُقِيَ الإنسانُ شرَّ نفسِه فإنه قد سَلِم مِن كثيرٍ من الشُّرور.


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (867).