قَالَ: «أَنْ تُزَانِيَ
بِحَلِيلَةِ جَارِكَ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهَا: { وَٱلَّذِينَ لَا يَدۡعُونَ
مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقۡتُلُونَ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ
إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَا يَزۡنُونَۚ} [الْفُرْقَانِ: 68] ([1]).
وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه
وسلم ذَكَرَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ أَعْلاَهُ لِيُطَابِقَ جَوَابُهُ سُؤَالَ
السَّائِلِ، فَإِنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ أَعْظَمِ الذَّنْبِ، فَأَجَابَهُ بِمَا
تَضَمَّنَ ذِكْرَ أَعْظَمِ أَنْوَاعِهَا، وَمَا هُوَ أَعْظَمُ كُلِّ نَوْعٍ.
فَأَعْظَمُ أَنْوَاعِ الشِّرْكِ أَنْ يَجْعَلَ الْعَبْدُ لِلَّهِ نِدًّا،
وَأَعْظَمُ أَنْوَاعِ الْقَتْلِ: أَنْ يَقْتُلَ وَلَدَهُ خَشْيَةَ أَنْ
يُشَارِكَهُ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ.
****
الشرح
المَعاصي لا بُدَّ لها من
عُقوباتٍ، إلا أنْ يعفوَ اللهُ سبحانه وتعالى وهِي على نَوعين:
عُقوبات في الدنيَا؛ كإقامةِ
الحُدود والتَّعْزِير، وهِي عقوباتٌ شَرعيَّة، لأنها أحكامٌ شرعيةٌ.
وعُقوبات في الآخرةِ؛
كالتَّعذيبِ بالنارِ، وهي عقوباتٌ قَدَرِيَّةٌ.
وإذا أُقِيمت العُقوبات
الشرعيةُ في الدنيَا قد لا تَحصلُ العُقوبات في الآخرةِ؛ لأن اللهَ لا يَجمعُ على
العبدِ المُسلِم بينَ عُقوبتين، إلا إذا اعترَى تَطبِيقَ العقوباتِ الشرعيةِ في
الدنيَا قُصورٌ، أو لم يَتُبْ صَاحبُها إلى اللهِ عز وجل ، فإنه قد يجمعُ له بينَ
العُقوبتين.
وإذا لم تُقَم الحُدودُ في الدنيَا فإنه لا بُدَّ من إقامتِها في الآخرةِ عُقوبة، وهذا مِن فَوائد إقامةِ الحُدود، فهي تَطهيرٌ للعاصِي، وتُخَفِّف عنه العُقوبة في الآخرةِ، وهي أيضاً رَدعٌ للمُجتمع؛ لئلاَّ يَقعوا في مِثل ما وقعَ فيه هذا العَاصِي، وفيها أيضاً حِفْظٌ للأمنِ، ففيها فَوائدُ عَظيمةٌ،
([1])أخرجه: البخاري رقم (4761).