ولذلكَ جاءَ في الحَديث: «حَدٌّ يُقَامُ فِي الأَرْضِ، خَيْرٌ لِلنَّاسِ مِنْ أَنْ يُمْطَرُوا
أَرْبَعِينَ صَبَاحاً» ([1]).
وقوله: «فَإِنَّ الْمَعْصِيَةَ إِذَا خَفِيَتْ لَمْ
تَضُرَّ إِلاَّ صَاحِبَهَا، وَإِذَا أُعْلِنَتْ ضَرَّتِ الْخَاصَّةَ وَالْعَامَّةَ»،
إذا أُعلِنت ولم تُنكَر ضَرَّت في الجُملة، قالَ تَعالى: {وَٱتَّقُواْ فِتۡنَةٗ لَّا
تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةٗۖ} [الأنفال: 25] ، وأما إذا أُخفِيت ولم تَظهر، أو
ظَهَرَتْ فأُنكِرَت، فإن إثمَها يكونُ على صاحبِها فَقَط.
وقوله: «وَأَعْظَمُ أَنْوَاعِ الْقَتْلِ: أَنْ
يَقْتُلَ وَلَدَهُ خَشْيَةَ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ»، كما
كَانوا في الجَاهلية يقتلونَ أولادَهم خشيةَ الفقرِ، قالَ تَعالى: { وَلَا
تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُمۡ خَشۡيَةَ إِمۡلَٰقٖۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُهُمۡ
وَإِيَّاكُمۡۚ} [الإسراء: 31] ، {وَلَا
تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُم مِّنۡ إِمۡلَٰقٖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكُمۡ وَإِيَّاهُمۡۖ} [الأنعام: 151] ،
فالرِّزق بيدِ اللهِ سبحانه وتعالى ، فكَما أنكم لا تَرزُقون أنفسَكم كذلكَ لا
تَرزُقون أولادَكم، بل اللهُ هو الذِي يَرزقُ الجميعَ.
ومِن هذا ما يُبَثُّ الآنَ مِن الدِّعاية الخَبيثة لتحديدِ النَّسْلِ خشيةَ الفقرِ، يقولونَ: لئلاَّ يكثُر الناسُ فتَقِلّ المَواردُ فيَحصلُ الفقرُ والمَجاعةُ! يُسِيئُون الظنَّ باللهِ عز وجل ، واللهُ تبارك وتعالى ما خلقَ نفساً إلا وقدَّر رزقَها وأجلَها، فهو سُبحانه: {ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ} [الذاريات: 58] ، وليس كَثرة النسلِ يسبِّب الفقرَ كما يقولُ أهلُ الجَاهليةِ، بل ربما كانتْ سبباً في كثرةِ الأرزاقِ؛ لأن اللهَ يقدِّر لكلِّ نفسٍ رِزقها، ولأن به تكثُر الأيدِي العَاملة، ويَزيد الإنتاجُ.
([1])أخرجه: أحمد رقم (8738)، وأبو يعلى رقم (6111)، وابن حبان رقم (4398).