وَأَعْظَمُ أَنْوَاعِ
الزِّنَا: أَنْ يَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِهِ، فَإِنَّ مَفْسَدَةَ الزِّنَا
تَتَضَاعَفُ بِتَضَاعُفِ مَا انْتَهَكَهُ مِنَ الْحَقِّ.
فَالزِّنَا بِالْمَرْأَةِ
الَّتِي لَهَا زَوْجٌ أَعْظَمُ إِثْمًا وَعُقُوبَةً مِنَ الَّتِي لاَ زَوْجَ
لَهَا، إِذْ فِيهِ انْتِهَاكُ حُرْمَةِ الزَّوْجِ، وَإِفْسَادُ فِرَاشِهِ
وَتَعْلِيقُ نَسَبٍ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ
أَذَاهُ، فَهُوَ أَعْظَمُ إِثْمًا وَجُرْمًا مِنَ الزِّنَا بِغَيْرِ ذَاتِ
الْبَعْلِ.
فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا
جَارًا لَهُ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ سُوءُ الْجِوَارِ، وَأَذَى جَارِهِ بِأَعْلَى
أَنْوَاعِ الأَْذَى وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْبَوَائِقِ.
وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لاَ
يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ» ([1]) وَلاَ بَائِقَةَ
أَعْظَمُ مِنَ الزِّنَا بِامْرَأَته، فالزِّنا بمائةِ امرأةٍ لا زوجَ لها أيسرُ
عندَ اللهِ من الزنَا بامرأةِ الْجَارِ.
فَإِنْ كَانَ الْجَارُ أَخًا
لَهُ أَوْ قَرِيبًا مِنْ أَقَارِبِهِ انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ قَطِيعَةُ الرَّحِمِ،
فَيَتَضَاعَفُ الإِْثْمُ.
فَإِنْ كَانَ الْجَارُ
غَائِبًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ كَالصَّلاَةِ وَطَلَبِ الْعِلْمِ وَالْجِهَادِ
تَضَاعَفَ لَهُ الإِْثْمُ، حَتَّى إِنَّ الزَّانِيَ بِامْرَأَةِ الْغَازِي فِي
سَبِيلِ اللَّهِ يُوقَفُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ خُذْ مِنْ
حَسَنَاتِهِ مَا شِئْتَ.
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «فَمَا ظَنُّكُمْ؟» ([2]). أَيْ مَا ظَنُّكُمْ أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ حَسَنَاتٍ، قَدْ حُكِّمَ فِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مَا شَاءَ؟! عَلَى شِدَّةِ الْحَاجَةِ إِلَى حَسَنَةٍ وَاحِدَةٍ، حَيْثُ لاَ يَتْرُكُ الأَْبُ لاِبْنِهِ وَلاَ الصَّدِيقُ لِصَدِيقِهِ حَقًّا يَجِبُ له عَلَيْهِ.