×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 فِيهِ وَجْهَانِ: وَهَذَا كَالْوَطْءِ فِي الإِْحْرَامِ وَالصِّيَامِ، وَوَطْءِ الْحَائِضِ، وَإِذَا أَوْجَبْنَا فِيهِ الْكَفَّارَةَ، فَقِيلَ: يَجِبُ فِيهِ التَّعْزِيرُ لِمَا انْتَهَكَ مِنَ الْحُرْمَةِ بِرُكُوبِ الْجِنَايَةِ، وَقِيلَ: لاَ تَعْزِيرَ فِي ذَلِكَ، اكْتِفَاءً بِالْكَفَّارَةِ لأَِنَّهَا جَابِرَةٌ وَمَاحِيَةٌ.

****

الشرح

عُقوبة السرقةِ قَطع اليدِ، معَ أنها عُضو ثمينٌ، لكِن لمَّا اعتَدَتْ وأخذتْ مالَ الإنسانِ الغافلِ الآمِن الذِي أحرزَ مالَه، فجَاء صَاحبها وهتكَ الحِرز، وصَاحب المَال لم يُفرِّط، فهَذا دليلٌ على جُرأته على حُرمات اللهِ عز وجل ، وأنَّه لا يمنعُ مِنه حِرز ولا يمنعُ مِنه حِفظ، فلذلكَ اشتدَّت عُقوبته.

وإن كانَ أخذُ أموالِ الناسِ بالباطلِ حراماً عموماً، ولكِن هذا نَوع مِن الباطلِ أشدّ، وهو الإخلالُ بالأمنِ، وتَرويع الآمِنين، وأخذِ أموالِهم، وانتهاكِ بُيوتهم ومَحلاَّتهم، فلذلكَ حكمَ اللهُ بقطعِ يَده التِي امتدَّت إلى هَتك الحُرمات، فتُهدَر عليه ويُصبح بينَ الناسِ مَقطوع اليدِ، فاقدًا لعضوٍ من أعضائِه، فهَذه عُقوبته في الدُّنيا وتكُون في الآخرةِ أشدَّ.

كذلكَ الذِي يعتدِي على الناسِ بالقوَّة والسِّلاح وهُم آمنونَ، فيَأخذ أموالَهم، أو يَهتك حُرماتهم، زادَ اللهُ جل وعلا في عُقوبته عَلى عقوبةِ السَّارق فقالَ: {إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوۡ يُصَلَّبُوٓاْ أَوۡ تُقَطَّعَ أَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَٰفٍ أَوۡ يُنفَوۡاْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ ذَٰلِكَ لَهُمۡ خِزۡيٞ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33] .


الشرح