فَتَرَتُّبُ الْعُقُوبَاتِ
عَلَى الذُّنُوبِ كَتَرَتُّبِ الإِْحْرَاقِ عَلَى النَّارِ، وَالْكَسْرِ عَلَى
الاِنْكِسَارِ، وَالْغَرَقِ عَلَى الْمَاءِ، وَفَسَادِ الْبَدَنِ عَلَى
السُّمُومِ، وَالأَْمْرَاضِ عَلَى الأَْسْبَابِ الْجَالِبَةِ لَهَا.
وَقَدْ تُقَارِنُ
الْمَضَرَّةُ للذَّنْبَ، وَقَدْ تَتَأَخَّرُ عَنْهُ، إِمَّا يَسِيرًا وَإِمَّا
مُدَّةً، كَمَا يَتَأَخَّرُ الْمَرَضُ عَنْ سَبَبِهِ أَنْ يُقَارِنَهُ، وَكَثِيرًا
مَا يَقَعُ الْغَلَطُ لِلْعَبْدِ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَلاَ
يَرَى أَثَرَهُ عَقِبَهُ، وَلاَ يَدْرِي أَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَهُ عَلَى
التَّدْرِيجِ شَيْئًا فَشَيْئًا، كَمَا تَعْمَلُ السُّمُومُ
وَالأَْشْيَاءُالضَّارَّةُ حَذْوَ الْقَذَّةِ بِالْقَذَّةِ، فَإِنْ تَدَارَكَ
الْعَبْدُ بِالأَْدْوِيَةِ وَالاِسْتِفْرَاغِ وَالْحِمْيَةِ، وَإِلاَّ فَهُوَ
صَائِرٌ إِلَى الْهَلاَكِ.
هَذَا إِذَا كَانَ ذَنْبًا
وَاحِدًا لَمْ يَتَدَارَكْهُ بِمَا يُزِيلُ أَثَرَهُ، فَكَيْفَ بِالذَّنْبِ عَلَى
الذَّنْبِ كُلَّ يَوْمٍ وَكُلَّ سَاعَةٍ؟! وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
***
الصفحة 4 / 436