×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 وَتَفَاوُتُهَا فِي دَرَجَاتِهَا بِحَسَبِ مُنَافَاتِهَا لَهُ، وَمَا كَانَ أَشَدَّ مُوَافَقَةً لِهَذَا الْمَقْصُودِ فَهُوَ أَوْجَبُ الْوَاجِبَاتِ وَأَفْرَضُ الطَّاعَاتِ.

فَتَأَمَّلْ هَذَا الأَْصْلَ حَقَّ التَّأَمُّلِ، وَاعْتَبِرْ تَفَاصِيلَهُ تَعْرِفْ بِهِ حِكْمَةَ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ، وَأَعْلَمِ الْعَالِمِينَ فِيمَا فَرَضَهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَحَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ، وَتَفَاوُتَ مَرَاتِبِ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي.

فَلَمَّا كَانَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ مُنَافِيًا بِالذَّاتِ لِهَذَا الْمَقْصُودِ كَانَ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ عَلَى الإِْطْلاَقِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى كُلِّ مُشْرِكٍ، وَأَبَاحَ دَمَهُ وَمَالَهُ وَأَهْلَهُ لأَِهْلِ التَّوْحِيدِ، وَأَنْ يَتَّخِذُوهُمْ عَبِيدًا لَهُمْ لَمَّا تَرَكُوا الْقِيَامَ بِعُبُودِيَّتِهِ، وَأَبَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُشْرِكٍ عَمَلاً أَوْ يَقْبَلَ فِيهِشَفَاعَةً أَوْ يَسْتَجِيبَ لَهُ فِي الآْخِرَةِ دَعْوَةً، أَوْ يُقِيلَ لَهُ عَثْرَةً، فَإِنَّ الْمُشْرِكَ أَجْهَلُ الْجَاهِلِينَ بِاللَّهِ، حَيْثُ جَعَلَ لَهُ مِنْ خَلْقِهِ نِدًّا، وَذَلِكَ غَايَةُ الْجَهْلِ بِهِ، كَمَا أَنَّهُ غَايَةُ الظُّلْمِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْرِكُ لَمْ يَظْلِمْ رَبَّهُ وَإِنَّمَا ظَلَمَ نَفْسَهُ.

****

الشرح

هذا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الإِنْسانَ لا يتساهل بالذُّنوب والمعاصي ويقول: ما دامتْ أَنَّها صغائِرُ فالأَمْرُ سهلٌ. فإِذَا تساهل بِها صارتْ كبيرةً؛ نظراً لأَنَه اسْتَخَفَّ بأَوَامِرِ اللهِ عز وجل . فلا يُؤْخَذُ من هذا التَّقْسيمِ أَنَّ المعاصي بعضَها أَهْونُ من بعضٍ ويتساهل في بعضِها؛ لأَنَّه إِذَا تساهل فيها صارتْ كبائِرَ كلُّها.

وقولُه: «فلمَّا كان الشِّرْكُ بالله منافياً بالذَّاتِ لهذا المقصودِ كان أَكْبرَ الكبائِرِ على الإِطْلاقِ» الشِّرْكُ هو أَعْظمُ الذُّنوبِ من نواحٍ:

أَوَّلاً: أَنَّ اللهَ لا يغفره، بَيْنَمَا ما دُوْنَ الشِّرْكِ يغفره اللهُ لمَن يشاءُ.


الشرح