الشِّرْكُ شِرْكَانِ:
شِرْكٌ يَتَعَلَّقُ بِذَاتِ
الْمَعْبُودِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ.
وَشِرْكٌ فِي عِبَادَتِهِ
وَمُعَامَلَتِهِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لاَ
شَرِيكَ لَهُ فِي ذَاتِهِ، وَلاَ فِي صِفَاتِهِ، وَلاَ فِي أَفْعَالِهِ.
وَالشِّرْكُ الأَْوَّلُ
نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: شِرْكُ
التَّعْطِيلِ: وَهُوَ أَقْبَحُ أَنْوَاعِ الشِّرْكِ، كَشِرْكِ فِرْعَوْنَ؛ إِذْ
قَالَ: {وَمَا
رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} [الشُّعَرَاءِ:
23] . وَقَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِهَامَانَ: {فَٱجۡعَل
لِّي صَرۡحٗا لَّعَلِّيٓ أَطَّلِعُ إِلَىٰٓ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُۥ
مِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ} [القصص:
38] .
وَالشِّرْكُ وَالتَّعْطِيلُ
مُتَلاَزِمَانِ: فَكُلُّ مُشْرِكٍ مُعَطِّلٌ وَكُلُّ مُعَطِّلٍ مُشْرِكٌ، لَكِنَّ
الشِّرْكَ لاَ يَسْتَلْزِمُ أَصْلَ التَّعْطِيلِ، بَلْ يَكُونُ الْمُشْرِكُ
مُقِرًّا بِالْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَصِفَاتِهِ، وَلَكِنَّهُ مُعَطِّلٌ حَقَّ
التَّوْحِيدِ.
وَأَصْلُ الشِّرْكِ
وَقَاعِدَتُهُ الَّتِي يَرْجِعُ إِلَيْهَا، هُوَ التَّعْطِيلُ، وَهُوَ ثَلاَثَةُ
أَقْسَامٍ:
تَعْطِيلُ الْمَصْنُوعِ عَنْ
صَانِعِهِ وَخَالِقِهِ.
وَتَعْطِيلُ الصَّانِعِ
سُبْحَانَهُ عَنْ كَمَالِهِ الْمُقَدَّسِ، بِتَعْطِيلِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ
وَأَفْعَالِهِ.
وَتَعْطِيلُ مُعَامَلَتِهِ عَمَّا
يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ حَقِيقَةِ التَّوْحِيدِ.
وَمِنْ هَذَا: شِرْكُ
طَائِفَةِ أَهْلِ وَحْدَةِ الْوُجُودِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: مَا ثَمَّ خَالِقٌ
وَمَخْلُوقٌ وَلاَ هَاهُنَا شَيْئَانِ، بَلِ الْحَقُّ الْمُنَزَّهُ هُوَ عَيْنُ
الْخَلْقِ الْمُشَبَّهِ.
وَمِنْهُ: شِرْكُ الْمَلاَحِدَةِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَأَبَدِيَّتِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعْدُومًا أَصْلاً، بَلْ لَمْ يَزَلْ وَلاَ يَزَالُ، وَالْحَوَادِثُ بِأَسْرِهَا مُسْتَنِدَةٌ عِنْدَهُمْ إِلَى أَسْبَابٍ وَوَسَائِطَ اقْتَضَتْ إِيجَادَهَا، وَيُسَمُّونَهَا بِالْعُقُولِ وَالنُّفُوسِ.