×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

وكذلك فإِنَّ الملوكَ قَدْ لا يعطفون على النَّاس، وأَمَا اللهُ جل وعلا فهو رحيمٌ يحبُّ الرَّحْمةَ والعطفَ على النَّاس.

وأَيْضاً الملوكُ يحتاجون إِلَى وُسَطَاءَ وإِلَى شُفَعَاءَ يُعينونَهم، ولو لمْ يكنْ لهم وُسْطاءُ وشُفَعاءُ ما صار لهم حاشيةٌ ولا صار لهم أَعْوانٌ، أَمَّا اللهُ تبارك وتعالى فإِنَّه غَنِيٌّ عن الشُّرَكاءِ، وغَنِيٌّ عن الأَعْوان، ليس بحاجةٍ إِلَى أَنْ يتَّخذَ معه أَعْوانَ.

فهذه فروقٌ عظيمةٌ بينَ الخالقِ والمخلوقِ، ولو كانتْ نِيَّتُهم حسنةً فإِنَّ المَدَارَ ليس على النِّيَّاتِ، المَدَارُ على الأَمْرِ والنَّهْيِ والشَّرْعِ.

وقدْ حكى اللهُ عن المشركين أَنَّهم قالوا: { مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ} [الزمر: 3] ، وقالوا: { هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ} [يونس: 18] اتَّخذوهم وسائِطَ وشُفعاءَ؛ لأَنَّ اللهَ - بزَعْمِهم - لا يُوصَّلُ إِلَيه إِلاَّ بالوُسَطاءِ والشُّفَعَاءِ، قَاسُوهُ على ملوكِ الدُّنْيَا!.

ومع أَنَّ هذه نِيَّتُهم «كان هذا القدرُ موجباً لسَخْطِه وغَضَبِه تبارك وتعالى ، ومُخَلِّداً في النَّارِ».

وقولُه: «بلْ جاءَت الشَّرائِعُ بتقريرِ ما في الفِطْرِ والعقولِ من قُبْحِه الذي هو أَقْبحُ مِن كلِّ قبيحٍ» أَيْ: هذا النَّوعُ من التَّعْظيم مُمْتَنِعٌ في العقولِ للوَجْهِ التي سبَق ذِكْرُها، ومُمْتنعٌ في الشَّرْعِ لأَنَّ اللهَ نَهَى عنه.

وقولُه: «وترتَّب على هذا سُؤَالٌ آخَرُ»؛ لأَنَّ الكتابَ كلَّه موضوعُه في الجوابِ الكافي لمن سَأَلَ عن الدَّواءِ الشَّافي، فهذا من الأَسْئِلَةِ التي يُجاب عنها.

***


الشرح