فَصْلٌ
وَيَتْبَعُ هَذَا الشِّرْكَ
الشِّرْكُ بِهِ سُبْحَانَهُ فِي الأَْفْعَالِ، وَالأَْقْوَالِ، وَالإِْرَادَاتِ،
وَالنِّيَّاتِ.
فَالشِّرْكُ فِي
الأَْفْعَالِ: كَالسُّجُودِ لِغَيْرِهِ، وَالطَّوَافِ بِغَيْرِ بَيْتِهِ، وَحَلْقِ
الرَّأْسِ عُبُودِيَّةً وَخُضُوعًا لِغَيْرِهِ، وَتَقْبِيلِ الأَْحْجَارِ غَيْرِ
الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ الَّذِي هُوَ يَمِينُ اللَّهِ فِي الأَْرْضِ، وَتَقْبِيلِ
الْقُبُورِ وَاسْتِلاَمِهَا، وَالسُّجُودِ لَهَا.
وَقَدْ لَعَنَ النَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم مَنِ اتَّخَذَ قُبُورَ الأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ
مَسَاجِدَ يُصَلِّي لِلَّهِ فِيهَا، فَكَيْفَ بِمَنِ اتَّخَذَ الْقُبُورَ أَوْثَانًا
يَعْبُدُهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ؟!
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ
صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى،
اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ([1]).
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ:
«إِنَّ شِرَارَ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءُ،
وَالَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ» ([2]).
****
الشرح
التَّبَرُّكُ بالجماداتِ والأَضْرِحَةِ، وتقبيلِها، والتَّمسُّحِ بها، والطَّواف بها، هذا - والعياذُ باللهِ - كثيرٌ في هذا الزَّمان، فأَهْلُ البِدَعِ يطوفون بالقبور، ويعتبرون هذا من المحبَّة للصَّالحين، ومن التَّقرُّبِ إِلَى اللهِ، وقدْ زَيَّنَ لهم الشَّيْطانُ ذلك وليس على وجه الأَرْضِ ما يجوز الطَّوافُ به إِلاَّ الكَعْبَةِ بيتِ اللهِ العتيقِ، فلا يُطاف بالقبور، ولا بالأَبْنِيَة،
الصفحة 1 / 436