×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 وَكَيْفَ يُعَوَّضُ الْفَقِيرُ بِالذَّاتِ عَنِ الْغَنِيِّ بِالذَّاتِ، وَالْعَاجِزُ بِالذَّاتِ عَنِ الْقَادِرِ بِالذَّاتِ، وَالْمَيِّتُ عَنِ الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ، وَالْمَخْلُوقُ عَنِ الْخَالِقِ، وَمَنْ لاَ وُجُودَ لَهُ وَلاَ شَيْءَ لَهُ مِنْذَاتِهِ الْبَتَّةَ عَمَّنْ غِنَاهُ وَحَيَاتُهُ وَكَمَالُهُ وَوُجُودُهُ وَرَحْمَتُهُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ؟! وَكَيْفَ يُعَوَّضُ مَنْ لاَ يَمْلِكُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ عَمَّنْ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ؟!

وَإِنَّمَا كَانَتْ مَعْصِيَةُ اللَّهِ سَبَبًا لِمَحْقِ بَرَكَةِ الرِّزْقِ وَالأَْجَلِ، لأَِنَّ الشَّيْطَانَ مُوَكَّلٌ بِهَا وَبِأَصْحَابِهَا، فَسُلْطَانُهُ عَلَيْهِمْ، وَحَوَالَتُهُ عَلَى هَذَا الدِّيوَانِ وَأَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَتَّصِلُ بِهِ الشَّيْطَانُ وَيُقَارِنُهُ، فَبَرَكَتُهُ مَمْحُوقَةٌ، وَلِهَذَا شُرِعَ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الأَْكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ وَالْجِمَاعِ لِمَا فِي مُقَارَنَةِ اسْمِ اللَّهِ مِنَ الْبَرَكَةِ، وَذِكْرُ اسْمِهِ يَطْرُدُ الشَّيْطَانَ فَتَحْصُلُ الْبَرَكَةُ وَلاَ مُعَارِضَ لَهُا.

وَكُلُّ شَيْءٍ لاَ يَكُونُ لِلَّهِ فَبَرَكَتُهُ مَنْزُوعَةٌ، فَإِنَّ الرَّبَّ هُوَ الَّذِي يُبَارِكُ وَحْدَهُ، وَالْبَرَكَةُ كُلُّهَا مِنْهُ، وَكُلُّ مَا نُسِبَ إِلَيْهِ مُبَارَكٌ، فَكَلاَمُهُ مُبَارَكٌ، وَرَسُولُهُ مُبَارَكٌ، وَعَبْدُهُ الْمُؤْمِنُ النَّافِعُ لِخَلْقِهِ مُبَارَكٌ، وَبَيْتُهُ الْحَرَامُ مُبَارَكٌ، وَكِنَانَتُهُ مِنْ أَرْضِهِ - وَهِيَ الشَّامُ - أَرْضُ الْبَرَكَةِ، وَصَفَهَا بِالْبَرَكَةِ فِي سِتِّ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِهِ.

****

الشرح

وصفَ الشامَ بأنها أرضُ البَركة؛ لأنها بِلاد الأنبياءِ وبلادُ الخَير، وفيها المَسجد الأقصَى الذِي قالَ اللهُ فِيه: {ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ} [الإسراء: 1] ، فالعُلماء أَكثرهم مِن الشامِ، وفي آخرِ الزمانِ يَنحاز الإسلامُ إلى الشامِ، ويكُون المَحشر في الشَّام، واللهُ تبارك وتعالى يختارُ ما يَشاء: { وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ } [القصص: 68] .


الشرح