×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

وَيَسَّرَ الْمُؤْمِنِينَ لِلْيُسْرَى، وَشَرَحَ صُدُورَهُمْ لِلذِّكْرَى

****

  قال تعالى: ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلۡيُسۡرَىٰ [الأَْعْلَى: 8]، وقال: ﴿فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ٥وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٦فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ ٧ [الليل: 5- 7]؛ فالسبب من عند العبد، ﴿فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ٥وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٦، هذا هو السبب الذي من عند العبد؛ ﴿فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ، هذا هو التوفيق من الله، ﴿وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَىٰ ٨وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٩ [الليل: 8- 9]، هذا هو السبب من قبل العبد؛ ﴿فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ [الليل: 10]، هذه هي العقوبة من الله عز وجل؛ حيث لم يقبل الحق، ولم يعمل بالأسباب التي بها يهديه الله، وفي الحديث: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» ([1]).

فإذا أراد الله للعبد هداية القبول والتوفيق، أي: شرح الله صدره لقَبول الدعوة إلى الله عز وجل كما قال سبحانه وتعالى: ﴿فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهۡدِيَهُۥ يَشۡرَحۡ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِۖ، فيتقبل الحق، ويرغب فيه؛ فيوسِّع الله صدره للإسلام، وهذه إرادة كَونية.

﴿وَمَن يُرِدۡ أَن يُضِلَّهُۥ، هذه إرادة كَونية.

﴿يَجۡعَلۡ صَدۡرَهُۥ ضَيِّقًا حَرَجٗا؛ فلا يقبل شيئًا، ولا يحب الخير، وينفر من الخير، وينفر من أهل الخير.

﴿كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِۚ [الأنعام: 125]؛ من ضيق الصدر والعياذ بالله، فهم يتضايقون من الحق ومن الدعوة إلى الله ومن قراءة القرآن ومن الموعظة ومن التذكير؛ لأن الله ضيَّق صدورهم بسبب إعراضهم؛ عقوبة لهم، وحرمانًا لهم من الهداية.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4945)، ومسلم رقم (2647).