خَيْرِهِ
وَشَرِّهِ.
****
وعلمت أن هذا بقضاء الله وقدره فلا تأس ولا تحزن؛ لأنه
لا بد أن يكون، ثم قال: ﴿وَلَا
تَفۡرَحُواْ بِمَآ ءَاتَىٰكُمۡۗ﴾
[الحديد: 23]، أي: لا تفرحوا بما أعطاكم فرحَ بَطَرٍ، وشرٍّ، وتكبُّرٍ.
الله قدَّر كل شيء: الخير
والشر، والإيمان والكفر، والهداية والضلال، كله من قدر الله، وهو من ناحية خلق
الله له غير شر؛ لأنه خلقه لحكمة، وإنما هو شر بالنسبة إلى مَن وقع عليه، فالقتل،
والجراح، والمكروهات كلها شر على مَن وقعت عليه، وهي بالنسبة إليه سبحانه وتعالى
ليست بشر، بل من كماله -سبحانه- أنه خلق الخير والشر؛ لأنه من كمال الخلق، فلا
يقتصر على الخير فقط، ولا على الشر فقط، بل خلق هذا وهذا، وهذا من عجائب خلقه.
وما خلق الشر إلا لحكمة، ما خلقه عبثًا، إنما خلقه ليبتلي به ويختبر، ويُعاقِب به مَن يستحق العقوبة، والعقوبة شر على مَن وقعت عليه، ولكنها عدل من الله، فهي بالنسبة إلى الله محمودة؛ لأنها تناسب المحل الذي وقعت عليه، وهي عدل من الله جل وعلا، فكما أنه يجازي المحسن، فكذلك يجازي المسيء؛ يجازي المحسن بالخير، ويجازي المسيء بالشر، فهذا من عدله، فلا يُسوِّي بين المحسن والمسيء، فالله خلق الشر لحكمة عظيمة، ولعدل منه، فيجب الإيمان بالقدر خيره وشره، لا يؤمن بالخير فقط، بل يؤمن بالخير والشر كله من الله، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ» ([1]).
([1]) أخرجه: مسلم رقم (771).