وَأَكْرَمَهُمْ
فِيهَا بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ.
****
وقوله: «فَأَعَدَّهَا
دَارَ خُلُودٍ لأَِوْلِيَائِهِ»، قال تعالى: ﴿وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ
وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 133]، وأولياء الله هم ﴿ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ﴾
[يونس: 63].
قوله: «وَأَكْرَمَهُمْ فِيهَا بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ»، أي: ومما أكرم الله به أهل الجنة، بل أعظم ما يُكرِم الله به أهل الجنة النظر إلى وجهه الكريم، لما آمنوا به في الدنيا ولم يَرَوْه؛ فإن الله يتجلى لهم يوم القيامة في الجنة ويَرَوْنه، وتقر أعينهم برؤيته، قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّكُم سَتَرَوْنَ رَبَّكُم كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لاَ تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ» ([1])، وفي رواية سُئِل صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟» قَالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ» ([2])؛ إكرامًا لأهل الإيمان الذين آمنوا به في الدنيا، ولم يروه، وإنما آمنوا به بالأدلة القاطعة التي دلت عليه، وبإخبار الرسل، وبالآيات القرآنية، والآيات الكونية؛ فالله يكرمهم يوم القيامة بأن يروه، أما في الدنيا فلا أحد يراه؛ لأن بني آدم لا يقدرون على رؤية الله عز وجل؛ لعظمته سبحانه وتعالى، لا أحد في هذه الدنيا يقدر على رؤية الله، حتى الرسول صلى الله عليه وسلم لما عرج به، وقرب من الله، قيل له: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: «نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ» ([3])،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (554)، ومسلم رقم (633).