×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

لا تمثله العقول بالتفكير، ولا تتوهمه القلوب بالتصوير

*****

﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ [الشورى: 11].

«لا تمثله العقول بالتفكير ولا تتوهمه القلوب بالتصوير»، فإنه سبحانه و تعالى لا مِثل له ولا شبيه له، ولا أحدَ يعلم ذاته سبحانه إلاَّ هو سبحانه وتعالى، فلا يجوز لأحد أن يتصور الله أنه كذا وكذا أو أن يُشَبَّه بكذا وكذا، لا يجوز هذا ولا يمكن هذا أيضًا، ولا يحيطون به علمًا سبحانه وتعالى.

هذه الآية « ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ فيها نفي للماثلة عنه سبحانه وتعالى، فلا أحد يماثله ولا أحد يشبهه ولا أحد يكافيه سبحانه وتعالى؛ لأنه أعظم من كل شيء: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وهذا فيه استغراق للنفي؛ لأن النكرة إذا ذُكرت في سياق النفي تعم، فلا أحد يشبه الله عز وجل من جميع المخلوقات؛ لعظمته وكبريائه سبحانه وتعالى وغناه وقدرته، فلا أحد يشبه الله عز وجل من الخلق. ﴿وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ وصف نفسه بالسمع والبصر، ونفى عن نفسه المشابهة؛ فدل على أن إثبات الصِّفَات لله عز وجل لا يقتضي التشبيه كما يقوله أهل الضلال، فهو نفى عن نفسه المشابهة، وأثبت لنفسه السمع والبصر؛ فدلّ على أنه لا تلازم بين إثبات الصِّفَات وبين المشابهة، وإن كانت أسماء هذه الصِّفَات موجودة في المخلوقين: السمع والبصر والكلام والقدرة والوجه واليدان، ولكن هذه خاصة بالمخلوقين، وأما صفات الله جل وعلا فهي لائقة به لا تشابهها صفات المخلوقين وإن اتفقت في الاسم والمعنى، إلاَّ أنها في الحقيقة والكيفية مختلفة تمامًا ومتباينة.


الشرح