×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

ونَفَذ حُكمه في جميع العباد.

*****

من الوالد والله جل وعلا لا شبيه له ولا ند له ولا كفء له فهو غني عن خلقه، وأيضًا هو لا شبيه له من خلقه، ما اتخذ الله من ولد. فالله جل وعلا لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، وهذا في آيات كثيرة، نزَّه نفسه عن الولد ردًّا على الذين وصفوه بأن له ولدًا كالنصارى الذين قالوا: المسيح ابن الله، واليهود الذين قالوا: عزير ابن الله، وكأهل الجاهلية من المشركين الذين يقولون: الملاَئكَة بنات الله. الله جل وعلا مُنَزَّهٌ: ﴿أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُۥ وَلَدٞ وَلَمۡ تَكُن لَّهُۥ صَٰحِبَةٞۖ [الأنعام: 101] يعني: زوجة، فهو منزه عن ذلك، وإنما هذا لائق بالمخلوقين، هم الذين يحتاجون إلى التزاوج، ويحتاجون إلى الذرية والأولاد، أما الله جل وعلا فإنه غني عن خلقه وخلقه محتاجون إليه: ﴿وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَلَدٗا ٨٨ لَّقَدۡ جِئۡتُمۡ شَيۡ‍ًٔا إِدّٗا ٨٩ تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرۡنَ مِنۡهُ وَتَنشَقُّ ٱلۡأَرۡضُ وَتَخِرُّ ٱلۡجِبَالُ هَدًّا ٩٠ أَن دَعَوۡاْ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٗا ٩١ وَمَا يَنۢبَغِي لِلرَّحۡمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ٩٢ إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّآ ءَاتِي ٱلرَّحۡمَٰنِ عَبۡدٗا ٩٣ لَّقَدۡ أَحۡصَىٰهُمۡ وَعَدَّهُمۡ عَدّٗا ٩٤ وَكُلُّهُمۡ ءَاتِيهِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَرۡدًا [مَريَم: 88- 95] كلهم عبيده، ليس منهم أحد ولد لله سبحانه وتعالى كما يقوله الكافرون والضالون من اليهود والنصارى والمشركين.

«نَفَذ حُكمه» أي: قضاؤه وقدره، والمراد بالحكم هنا الحكم القدري، نافذ «في جميع العباد» فلا أحدَ يستعصي على قَضَاء الله وقدره، المؤمن والكافر، والحي والجماد، جميع المخلوقات كلها ينفُذ فيها قَضَاء الله وقدره، لا أحدَ يستعصي على ذلك أو يمتنع من ذلك، فأحكامه القدرية نافذة في خلقه سبحانه وتعالى لا محيد لهم عنها.


الشرح